ماذا فيمَا كُتب عن المقابر
لا أعلم إن كان العنوان يحكي ما أرنو الوصول إليه، أم خانتني الحروف في استيعاب واختزال الفكرة في عنوان ما، إلا أنه لعل بعض القرّاء لا تستهويه الكتب التي تتحدث عن المدفونين، أو المقابر، أو ما له صلة بذلك، وهذا لا شك أنه ربما ناتجٌ عن عدم أهمية أو قلّة اطّلاع أو نحو ذلك من الأسباب، في حين أن تلك الكتب التي ذكرت مواقع القبور فيها من المعلومات ما لا يُحصى، وبغض النظر عن أقدم كتابٍ دُوِّنَ في هذا الشأن إلا أن كل كتابٍ يتحدث عن هذه الجزئية فيه معلومات قد لا توجد في كتابٍ آخر، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن تلك الكتب تحوي على معلومات مهمة، مثل:
1. أسماء الأعلام.
2. تواريخ الوفاة.
3. دلالة على أن فلان الميّت دُفن في هذا المكان، وليس في مكانٍ آخر.
4. شواهد قبورية تحكي أشياء مهمة «أسماء الأعلام، أحاديث شريفة، آيات قرآنية... الخ».
وغيرها من الفوائد المستقاة من تلك الكتب التي تحدثت عن هذا الأمر، وقد حدا ببعض الباحثين مؤخراً توثيق مسائل مهمة من خلال تلك القبور وشواهدها التي نُحتت عليها بعض المعلومات ذات الصلة بصاحب القبر، ومما زاد الأمر أهمية أن المتاحف الأثرية المحلية والعالمية باتت تهتم وتقتني بعض العيّنات لتلك الشواهد القبورية، بحيث أن بعض الشواهد تشير إلى قضايا تاريخية أو أحداث اجتماعية أو غيرها من الأمور المتعلقة بذلك.
ولكل مؤلف همٌّ يحمله في تصنيف هذه النوعية من الكتب، فمنهم من يصنّف في تحديد قبور العلماء، أو الصحابة أو قبور إقليم معيّن، أو مقبرة محددة وغيرها من التصنيفات المتنوّعة، ومما يمكن ذكره والإشارة إليه، العناوين التالية:
1- تاريخ من دُفن في العراق من الصحابة، لعلي بن الحسين الهاشمي الخطيب، وهو كتاب يعتني بقبور الصحابة في العراق مع تراجم وافية عن حياتهم وبعض أخبارهم.
2- مراقد أهل البيت في القاهرة، للسيد محمد زكي إبراهيم، فقد خصص هذا الكتاب للمنتسبين إلى الدوحة الطاهرة من آل البيت ، ومشيراً إلى بعض قبور وتراجم المنسيين منهم المدفونين في القاهرة.
3- دفناء العتبة الحسينية العباسية المقدسة، للدكتور/ حميد مجيد هدّو «وَ» سامي جواد كاظم، وهذا النوع من الكتب يعتني بأن هناك من يتشرّف بالدفن عند الإمام الحسين الشهيد ، ويُطلعك الكتاب على شخصيات ليست من كربلاء؛ بل من خارج القطر العراقي أو المدن البعيدة.
4- تاريخ المراقد «1/8»، للشيخ/ محمد صادق الكرباسي، وهذا خصصه المؤلف على ذكر قبور شهداء واقعة الطف أو من كان موجوداً في تلك الحادثة الأليمة، ولزيادة عنايته تتبع أخبار كل شخصية، ما جعل الكتاب يصل إلى ثمانية أجزاء.
5- مراقد المعارف «1/2»، للشيخ/ محمد حرز الدين، وقد تتبع الشيخ الراحل شخصيات أدبية وعلمية ودينية، وترجيحات حول بعض الأقوال المختلفة، مدعوماً ببعض الصور ذات العلاقة بمحتوى الكتاب.
6- مراقد علماء البحرين في الخارج، للشيخ/ محمد بن عيسى آل مكباس البحراني، وقد خصص المؤلف مراقد علماء البحرين الذين دفنوا خارج هذا الإقليم، مع تراجمهم ومؤلفاتهم ومعلومات متصلة بهم.
7- نقوش إسلامية شاهدية مؤرّخة من جبّانة صعدة في اليمن، للدكتور/ محمد بن عبدالرحمن الثنيان، والدكتور/ مشلح بن كميخ المريخي، ويتكون هذا الكتاب على دراسة آثارية لتلك الشواهد، وما حوته من كتابات، مع تعليق من قبل المؤلِّفَين فيما له صلة بتلك الشواهد في جبّانة واحدة، ومدة محددة.
8- المقابر المشهورة والمشاهد المَزورة، لابن الساعي علي بن أنجب البغدادي، وهذا الكتاب يتحدث عن مقابر ذات مسميات عدة حوتها مدينة بغداد، وبالمقارنة إلى عصر المؤلف «القرن السابع» ينبئ عن أن لهذه المسألة أهمية في التدوين، وهذا ما قام به ابن الساعي.
9- نثر الأزهار في ما وُجد مكتوباً على القبور من الحِكَم والأشعار، لعبدالرحمن بن يوسف الفرحان، وهذا جانبٌ مهمٌ قام به المؤلف من توثيق تلك الحِكم والأشعار التي نُحتت على شواهد القبور، والتي تحكي عقلية تعيشها الأمة عبر قرونٍ في التعاطي مع هذه المسائل ذات الصلة بالمقابر، ولا أنسى كتاباً آخر كتبه الشيخ/ قيس العطار بعنوان «أدب المقابر» شعراً ونثراً، وهو ذو صلة بهذا التوثيق من المؤلفات.
10- تُحفة الأحباب وبغية الطُلّاب في الخطط والمزارات، والتراجم والبقاع المباركات، للمؤرّخ أبي الحسن السخاوي، الذي وثق جملة من معلومات عن القبور ومدافن الأولياء والصالحين والمساجد.
ولا يسعني تعداد كل ما كُتب في هذا الميدان؛ لأنها أكثر من أن تُحصى، بيد أن هذه النوعية من الكتب تخدم الباحثين، كلٌ بحسب اطلاعه وما ينهله منها، ولأهميتها كثرت التوثيقات منذ عهد مبكِرٍ.
ولم يقف الأمر على هذه الكتب التي خُصصت لذكر هذه المسألة؛ بل إن بعض المؤرّخين والرحّالة والبُلدانيين عَنَوا بهذه الجزئية في مصنّفاتهم إيجازاً وإطناباً، وهذا إن دلّ فإنما يدلُّ على أهمية تكتنفها اليراعة العربية والإسلامية فيما تذكره من مسائل ذات صلة بالمدفونين وقبورهم، وما جرى عليها.
أخيراً: بعد هذا التعريف الوجيز، قد يحلو للبعض أن يقتني ويعتني بهذه الجزئية من المؤلفات التي توثق محطة من محطات تاريخنا العربي والإسلامي، ولعل التوسّع في هذا المجال بُغية المتيّمين الباحثين في مجال التراجم والآثار والبقاع، لما في ذلك من دلالات يستفيدوا منها تعجز هذه السطور عن وصفها.