آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

تناغم الحداثة والقيم في السياحة السعودية

هاشم آل حسن

تعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من الوجهات السياحية الواعدة في الشرق الأوسط والعالم، وهذا بفضل جهود الحكومة السعودية لتعزيز القطاع السياحي وتحقيق رؤية 2030. تعتمد هذه الرؤية على تحقيق التوازن بين الحداثة والتقاليد، والمحافظة على القيم والتقاليد الثقافية والاجتماعية التي تميز المملكة. وتعتبر القيم والتقاليد السعودية جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية، وهي تمثل مصدر الفخر والاعتزاز لدى المواطنين، ولهذا فإن المساعي والجهود أمام الحكومة هو كيفية دمج الحداثة في القطاع السياحي دون التخلي عن هذه القيم والتقاليد الغنية. والجدير بالذكر، ان بلادنا تقف على عتبة فصل جديد مميز يتسم بالتناغم الفريد بين القيم والتقاليد العريقة والانفتاح نحو الحداثة والابتكار في شتى المجالات. هذا يتجلى بوضوح في قطاع السياحة الذي يعد أحد أهم أعمدة رؤية 2030.

الحداثة والارتباط الجيد بالعادات والتقاليد يمكن أن تكونا دعامتين مهمتين في تحقيق رؤية 2030 وتعزيز الاقتصاد السعودي. بالاحتفاظ بالهوية الثقافية والاهتمام بالتنمية المستدامة. ان الاستمرار بتحقيق التوازن بين الحداثة والتقاليد في مجال السياحة في المملكة من خلال تبني نهج متوازن يجمع بين تطوير البنية التحتية السياحية والحفاظ على القيم والتقاليد يمكن ان يكون عن طريق تكثيف برامج توعوية وتعليمية تستهدف الزوار والمجتمع المحلي على حد سواء مع دعم حكومي للمشاركة المجتمعية، وهذا يعتبر تحد كبير.

في إطار الإسلام، لا تُفهم الحداثة على أنها مجرد تقدم تكنولوجي، بل كوسيلة لتحسين الحياة وخدمة الوطن مع الحفاظ على القيم الإسلامية. ونرى ذلك من خلال تطوير المرافق التي تراعي وتتوافق مع احتياجات الزوار والسياح المسلمين، مثل توفير مرافق للصلاة، والاهتمام بالمرافق التراثية، والاستمتاع بالمأكولات التقليدية، والرقصات الشعبية وغيرها مع التأكيد في نفس الوقت على القيم العائلية والاجتماعية في تطوير المنتجعات السياحية والبرامج الترفيهية.

وهناك جهود كبيرة في الاستمرار في توسيع دمج الفنون والثقافة في القطاع السياحي لتعزيز التوازن بين الحداثة والتقاليد. على سبيل المثال، تم تنظيم مهرجانات فنية ومعارض للفنون التشكيلية والحرف اليدوية التقليدية. هذه الفعاليات لا تساهم فقط في تعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات، ولكنها أيضًا تساهم في توجيه الضوء على التراث الثقافي للمملكة.

من جانب اخر، تساهم الحداثة في تعزيز التفاعل الثقافي والديني، حيث تستقبل المملكة الزوار من مختلف الخلفيات الثقافية والدينية وتعمل على تعزيز التفاهم والحوار بين الشعوب. توفر الحداثة في قطاع السياحة السعودية فرصاً للتفاعل مع الأفراد من مختلف الخلفيات، مما يثري تجربة الزوار ويعزز التبادل الثقافي ويعكس الضيافة والود التي يتميز بها المجتمع السعودي لتثري به تجربة السائحين.

إن الحداثة ليست عدوًا للقيم والتقاليد، بل هي وسيلة لاستمرارية وتعزيز السياحة وجذب المزيد من الزوار. ولهذا يمكن توجيه الاستثمارات نحو تطوير المنشآت السياحية التقليدية والتراثية والحديثة مثل الفنادق الفاخرة والمراكز الترفيهية المتقدمة، واستخدام التكنولوجيا المتقدمة مثل التطبيقات الذكية والوسائل الاجتماعية لجذب السواح وتسهيل وإثراء تجربتهم.

ان الحداثة والمحافظة على العادات والتقاليد وارتباطها بمجال السياحة في السعودية هي لوحة إنسانية، اقتصادية، ودينية متكاملة تجمع بين التطور التكنولوجي والحفاظ على القيم الإسلامية والمجتمعية، وكل هذا سيساهم بلا شك في تعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية.