آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 1:20 م

التقنية الحديثة.. أهميتها وخطورتها

فاضل العماني * صحيفة الرياض

منذ بداية الألفية الثالثة والابتكارات والإنجازات والتطورات العلمية الكبيرة تتواصل بوتيرة متزايدة، وبسرعة متناهية، لدرجة أن التقدم البشري والحضاري الذي حدث خلال هذه الفترة الزمنية الاستثنائية من عمر المسيرة الإنسانية، لا مثيل له على الإطلاق.

في هذا ”العصر الحديث“ المزدهر والمزدحم بالتقدم العلمي المذهل، وبالتطور التقني الكبير، تحقق للبشرية ما لم يتحقق خلال كل العصور السابقة، رغم أن التراكمات الحضارية التي صاغتها العقلية البشرية على امتداد الزمن، شكلت وما زالت البدايات المهمة لهذه النتائج المدهشة التي يتمتع بها الإنسان الحديث. في تلك الفترة الذهبية ستينات القرن الماضي وضع الإنسان رجله لأول مرة على سطح القمر، مدشناً مرحلة جديدة من قصة الطموح البشري الذي لا حدود له، حيث أرسلت الأقمار والمركبات الصناعية، وأنشئت المحطات والمراكز الفضائية، وأصبحت الكرة الأرضية بكل تفاصيلها، الصغيرة والكبيرة، خاضعة للمراقبة والدراسة والتصوير، وذلك بشكل مباشر ودقيق ومستمر، الأمر الذي أتاح للعلماء والخبراء والتقنيين معرفة الكثير من الأسرار الكونية التي كانت قبل ذلك أشبه بألغاز وطلاسم لقرون طويلة. لقد ربطت تلك الأقمار الصناعية كل أجزاء العالم بشبكة متكاملة من الاتصالات والمعلومات والتقنيات، لقد بدأت مرحلة جديدة، عنوانها الكبير: عالم بلا حدود، أو ما بات يُعرف لاحقاً بعصر السرعة.. نعم، هو عصر السرعة في كل التفاصيل تقريباً، في الاكتشافات والاختراعات والإنجازات والطموحات. وأخيراً وليس آخراً، أصبحت مفردة ”العولمة“، هي الأيقونة الحضارية الجديدة.

لم أكن أظن أن هذه المقدمة ستطول هكذا، بل وتحتل مساحة المقال، فقد كان هدفي الأساسي هو الكتابة / الإجابة عن ذلك السؤال المعقّد الذي يحتاج إلى إجابات حقيقية تتناسب مع طبيعة وظروف هذه المرحلة المثيرة في العالم: كيف تعاطت الأمم والمجتمعات مع هذه الثورة المعلوماتية والتقنية الهائلة بكل وسائلها ووسائطها وأدواتها؟

وحتى تبدو الأمور أكثر موضوعية وواقعية، لا بد من الفرز والتدقيق بين مختلف الثقافات والحضارات القديمة والحديثة، الغربية والعربية، سأحاول قدر الإمكان الكتابة عن المراكز والجامعات والمعاهد وغيرها من المؤسسات والمناهج التي تُراقب وتُقارب عن هذا التطور المذهل في وسائل الاتصال ووسائط التواصل، وذلك بغية الاستفادة من هذا التطور العلمي والتقني والاقتصادي، لإدراكها أن بوصلة التقدم والازدهار في هذا العصر تتجه نحو هذه الثورة العلمية والتقنية الهائلة.