آخر تحديث: 7 / 11 / 2024م - 9:33 م

ذكرى ميلاد الإمام علي عليه السّلام

عبد الرزاق الكوي

حظيت مسيرة أهل البيت ودورهم إرساء قواعد الدين الحنيف بالعمل الجاد والمشرق خدموا البشرية؛ مما جعل هذا التاريخ المشرف محل اهتمام وحاجة إنسانية لمبادئهم من أجل حياة كريمة، فالدراسات والبحوث عن حياتهم لا تعد ولا تحصى في جميع مجالات الحياة.

أمير المؤمنين الإمام علي أعظم ما أنجبت البشرية بعد النبي محمد ﷺ، مولده من المناسبات العزيزة على النفس، رأى النور يوماً مميزاً وهو يوم الجمعة في الثالث عشر في شهر عظيم الشأن هو شهر رجب، كانت ولادته المباركة في الكعبة المشرفة، وفي بيت من أعظم بيوت الله تعالى مكانة وقدسية.

البداية عنوان ناصع من التاريخ الحافل بالكرامات والمكانة المرموقة الذي كرمه الله تعالى بها، أن تدعوا أمه عند الكعبة وهي المؤمنة الصادقة، وينشق جدار الكعبة في أمر لم يتكرر سابقا أو لاحقا لأحد غير الإمام علي ، أمر عظيم ومعجزة كبيرة، وحدث تاريخي يعانق السماء.

للفرد أن يتخيل واقعة ولادة أمير المؤمنين كم هو عظيم هذا الحدث أن يجعله الله تعالى محيراً للعقول وتأثيره من أجل معرفة عظمة الوليد، تدخل فاطمة وكأنها على موعد بدون خوف أو تردد من المجهول لم تهاب المصير، ولم تخشى العواقب، كانت على يقين وعلاقة وثيقة مستبشرة أن مصيره مرسوم من قبل السماء قناعة تامة.

كان ذلك الحدث العظيم فوق كل الاعتبارات المادية، بل اطمئنان أنها على موعد مسبق، وتبقى ثلاثة أيام داخل الكعبة المشرفة لا أحد معها دون الله تعالى حافظها ووليدها ومسهل أمورهم، هذه الكرامة كانت البداية، كانت ولادته استثنائية لمولود مميز من بارئه، وعاش جل حياته شامخا عالي الشأن.

واصل الإمام علي كراماته وسطر تاريخ مشرف على مستوى مستقبل الرسالة الإسلامية والدفاع عنها وحماية الرسول الكريم صلى عليه وآله من جلاوزة قريش، واليوم الإمام علي حي بعد نيل الشهادة تحتاجه الإنسانية المعذبة في حياتها اليومية وقضاياها الدولية وعلاقاتها الاجتماعية، أن ينال الفرد والمجتمعات والدول حقوقه المستحقة الذي تمثلت في فكر أمير المؤمنين ، وأن تصان سيادة الدول المستقلة من التدخلات الخارجة عن القانون والأعراف الدولية والأخلاق الإنسانية في مخالفة لكافة المواثيق الدينية، بمعايير لا تتغير حسب الأهواء والتحالفات السياسية، بل حسب قرارات الأمم المتحدة وميثاق حقوق الإنسان بدون تفرقة أو ازدواجية لا يوجد فيه عالم أول وعالم ثاني وثالث ورابع.

كان فكر الإمام يعامل كل المناطق والدول ومواطنيها بالتساوي لا تجزئة حسب مقتضيات الحاجة الاقتصادية أو غيرها من وسائل الضغوطات المستخدمة، في واقع المعايير مزدوجة، لكل دولة ظرف له سياسته وموقفه، كان موقفه ثابتاً لا تغيره الأهواء وتبدله الظروف.

فما تعلمه أمير المؤمنين من الرسول الأكرم ﷺ إن الحقوق بدونها لا تستطيع الإنسانية العيش بكرامة وسهولة، فالإمام وهو المهتم بشئون كل فرد تحت ظل دولته يعيش في أفضل حالاته الاقتصادية والاجتماعية مكفول له حقوقه التي أقرها الشرع، ورعاها والزم باتباعها.

اليوم الواقع على الأرض يحتاج قيم وفكر وعدالة الإمام علي ، أن ينقذها من براثن الفقر وجميع الانتهاكات المتمثلة في قوى عالمية تصل الانتهاكات إلى جرائم حرب وإبادة جماعية وهدم البنى التحتية لكثير من الدول المغضوب عليها.

إن النجاح كل النجاح في مسيرة أمير المؤمنين والعالم يعيش ذكرى ولادته أن تأخذ العبر على المستوى الفردي والجماعي والدولي فخطبه ورسائله وحكمه تنير مسيرة الإنسانية، بشخصيّته المتكاملة أن تنعم البشرية بالعيش الكريم لجميع الديانات والمذاهب والأقوام والأعراق والألوان.

إن البشرية اليوم في أسوأ حالاتها وأعظم خسارتها وأعم انحطاطها، النجاة من الواقع المأساوي السير على خطى ومبادئ الإمام علي لتنعّم الإنسانية بالخير والسعادة والطمأنينة.