الجنبي الأديب والمؤرخ يرحل بألم هادئ
صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 16 يناير 2024، نعت القديح ومحافظة القطيف عامة، والمجتمع السعودي والوسط الأدبي والتاريخي وقنوات التواصل الاجتماعي والكتاب، الرمز البارز المؤرخ والأديب الباحث الأستاذ عبدالخالق عبدالجليل حسن مدن الجنبي، بعد معاناة مع مرض رافقه طوال حياته، اشتد عليه أخيرًا، تحمله بصدر متسع ونفس مطمئنة، مفوضًا الأمر لله تعالى.
وعشية يوم وفاته، شيعته لمثواه الأخير، مودعاً بالدموع حشود غفيرة من بلده وخارجها، غصت بهم طرقات سير الجنازة، تقدم الجماعة للصلاة على جثمانه ابن عمه سماحة الشيخ حسن الجنبي، في ساحة متسعة بسبب زحام المشاركين أمام مدرسة سلمان الفارسي، بعدها حمل نعشه ليوارى في مقبرة ”رشالا“، حيث أودع في قبره المعد هناك.
كما للفقيد امتيازات في التاريخ والأدب والبحث، كذلك له صفات في جوانب أخرى كريمة، منها الصبر على ما ابتلي به، والأخلاق العالية، والبسمة لا تفارق شفتيه، وحسن سيرته، إذ لم يُر منه أو يُسمع عنه ما يشين، ومكانته المرموقة بين جلسائه وأبناء مجتمعه، والثناء الجميل من مختلف الأطياف.
وعنوانًا أعم، هو بذاته تاريخ قبل دخوله عالم التاريخ، ينبغي للآخرين أن يقتدوا بنشاطه العملي الدؤوب، مع ما به من مصاعب صحية لم تثنه عما أنجزه، ويُتخذ مثالاً.
وليست هذه بخافية على أحد، الكل حتى البعيدين فضلاً عن القريبين يلمسونها فيه.
تمخضت جهوده ومتابعاته البحثية والعلمية المتواصلة بلهفة وشوق لما هو قديم، لأكثر من خمسة عقود، أن تضعه في قائمة كبار من يذكرون بنتاجهم المتجدد والمتنوع، خاصة عن محافظتي القطيف والأحساء، مواقع وأحداث له الفضل في كشفها وإبرازها، وتصحيح أخرى منها بعد ما كانت متداولة لقرون مضت بحقائق موثقة.
واليوم رحل وأسدل الستار على هذه الإنجازات، وصاحبها طويت صفحات كان الفقيد يرعاها.
رحيله محزن ومؤسف، خسارة لا تعوض، رحمه الله، كان ثروة وزعت لثروات، ”لكنها سنة الحياة“، ما منا إلا ملاقي حتفه.
نسأله تعالى أن يوسعه برحمته، ويحشره مع محمد وآله الطاهرين في جنته، ويخلف على فاقديه من الأهل والأحباء والأصحاب بالصبر والسلوان، وما هو خير خلف لخير سلف في نهجه، يحمل فكره وقلمه ليكمل مسيرته.
عزاؤنا للأحباب عائلة الجنبي جميعاً، بالأخص إخوته.
”وإنا لله وإنا إليه راجعون“.