آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

هوامش النقاش

علوي محمد الخضراوي

البعض يعتقد أنه خلق من نطفة ذهبية تفوق خلق الباري من الناحية التكوين الفسيولوجي واختلافه مع باقي النفس البشرية في ترصد الذات واستيعابها لمدخلات ومخرجات الحياة، هذا النوع من البشر يظن أنه هو الذي يتأثر من صفعات وكوارث وهموم ومجريات الحياة الطبيعية التي تواجهه بين الحين والآخر ولديه مخزون من المشاعر والأحاسيس التي تندرج تحت مسمى الأفق العالي من المسؤولية والاطلاع وممارسة الأمور الحياتية اليومية.

نسلط الضوء هنا على عدة نقاط ومن أهمها:

- هذا النوع يحب أن يكون عطوفاً في جانب من العلاقات الاجتماعية، وفي نفس الوقت لا يقبل على نفسه أي نقد ما من الغير وكأنه خلق مختلف عن سائر الناس عندما يوجه كلماته وتصرفاته غير المدروسة للطرف الآخر، ويطلق عليه سهام من نار تحرق مشاعره وعواطفه متمسكاً بمبدأ أنا خلقت مختلفاً..

- عندما يدخل هذا النوع من الفكر داخل أي عمل مؤسساتي اجتماعي تراه يعتقد أن الذين يبذلون أوقاتهم ليلاً نهارا ً هؤلاء لديهم مخزون من الفراغ، وأن ما تم اختيارهم مبنياً على قاعدة سد الفراغ خيرٌ من تركه، نوضح الصورة أكثر لدى القارئ يظن أنه هو من يسير ويدير ويركز ويخطط بإطار واسع من الخبرة والخطط الاستراتيجية التي تصب في مصلحة العمل وباقي الأعضاء الذين يبذلون جهدهم لا يفقهون شيئاً سوى هوامش في النقاش والتحركات العشوائية …

- نسلط الضوء هنا على أسلوب الحوار وآلية التعامل مع النفس البشرية، لكل إنسان في هذه الحياة مشاعر وأحاسيس مختلفة عن الآخر البعض يتأثر بأقل الأمور التي تواجهه في الحياة، ويكون ذا إحساس مرهف ينكسر بأقل الكلمات والأحداث التي تواجهه، بينما البعض يتعامل مع المشكلة بكل صلابة وقسوة وحنكة وذكاء وكأنما لا توجد أي معوقات لتجاوزها، وفي الطرف الآخر أيضاً نراه يتركها جانباً على طاولة المهملات دون الرجوع إلى قاموسها ومكوناتها وما هي طبيعتها وكأنها لم تواجهه أي مشكلة.

للأسف الشديد العنصر التي تحدثنا عنه في مقدمة المقال يتعامل مع هؤلاء الثلاثة بطريقة واحدة وهي مبدأ أنا خلقت مختلفاً عن سائر البشر يتحدث بلغة المعرفة والرفعة والثقافة ويهمش اختلاف خلق البشر وتكوينهم الذاتي من قبل الله عز وجل وكأنهم لا يملكون من الحياة سوى الجسد الخارجي فقط.

يؤسفني الكثير الكثير عندما أواجه هذا الصنف من الناس وهو يترعرع على كرسي المعرفة …

الله عز وجل خلق البشر مختلفين الأذواق والعقول وطرق استيعابهم واختلاف مشاعرهم، فمن الأولى أن نتعامل مع كل طبقة بطريقة تناسب عقليته وفكره وميولاته ومشاعره وعواطفه وثقافته بحيث لا نقع في قتل نفسه وسلب فكره وجرح مشاعره وهدم بنيانه المعرفي.

الاحتضان والتعامل فن لا يجيده إلا من رأى نفسه أنه ليس كاملاً عن باقي البشر، الكلمة الطيبة هي المدخل الرئيسي لقلوب البشر وهي التي تكون لها وقع كبير في حياة الآخرين، وهذا ما ينبغي أن نتحلى به عند دخولنا لأي نقاش ومواجهة وصراع وعندها سندرك قيمة أنفسنا ….

جعلنا الله وإياكم ممن ينشرون السعادة بكلماتهم الجميلة وأسلوبهم الراقي وتواضعهم الحسن …