الديزل ومسؤولية وزارة التجارة
ارتفاع أسعار الديزل أو انخفاضه، أمر طبيعي باعتبار أنه موكول للعامل الاقتصادي، لكن غير الطبيعي أن يستثمر التجار ارتفاع الديزل في رفع الأسعار بشكل جنوني، وسيكون المبرر في الزيادة انعكاسها على ارتفاع تكاليف النقل والتوزيع وهي في نظري ليست حجة منطقية باعتبار أن الزيادات المستمرة في رفع الأسعار غير المعقولة ما بين كل فترة وأخرى هي ديدن هذه الشركات، في الحقيقة هي أسطوانة متكررة تعزف على أوتارها فرقة التجار تقول كلماتها، السلع آخذة في التصاعد والارتفاع في كل الظروف والأحوال، يرتفع الديزل أو ينخفض، ترتفع يعني ترتفع..!، راقبتنا وزارة التجارة أو لم تراقبنا، ترتفع يعني ترتفع..!، يرتفع التضخم أو ينخفض، ترتفع يعني ترتفع...!، رمضان أو غير رمضان ترتفع كمان وكمان...! والحقيقة إن زيادة أسعار الديزل ليس أمرًا جديدًا، لكن هذه الانتهازية مرفوضة جملة وتفصيلا، ثم نجد أن الشركات التي ترفع أسعارها وهي في الحال ذاته ترفع رواتب كبار موظفيها سنويا وبرواتب عالية جدا، السؤال: لماذا لا تحدث مواءمة وموازنة في سلم الرواتب خاصة لدى المدراء والمسؤولين الكبار في الشركات بدل تحميلها للمواطن.
أعلم جيدًا أن الفرق الرقابية في الوزارة تتجول ميدانيًا بشكل مستمر لضبط أسعار المواد الاستهلاكية، ودائمًا ما تحث المواطنين على الإبلاغ عن أي مخالفات تجارية، لكن في المقابل نجد أن المخالفات ما زالت مستمرة في كل شاردة وواردة وتنط الأسعار ويعاني المواطن وهنا تأتي الأسئلة المهمة: لماذا تحصل هذه العشوائية في الأسعار؟ ولماذا التفاوت الكبير في أسعار المنتجات؟ ولماذا تتكرر مثل هذه المخالفات؟ هل توجد آلية واضحة ودقيقة في عملية التسعير؟ بمعنى هل هناك نظام دقيق وواضح مثلا في تسعير المواد الاستهلاكية من مرحلة التكوين والإنتاج ثم مرحلة التخزين وحتى التجهيز والتعبئة؟ دعونا نسأل: هل لدى وزارة التجارة تسعيرات لكل المنتجات التي يحتاجها المواطن بدءا من مراحل الإنتاج وحتى التوزيع لنقاط البيع التجارية؟ هذه المفارقة والفجوة غير المنطقية في الأسعار، ليس سببها ارتفاع الديزل بل سببها الرئيس هو وجود فراغ مؤسسي يحكم القطاع الاستهلاكي بمعنى شركة سعودية مسؤوليتها حوكمة القطاع الاستهلاكي بحيث ترتفع الأسعار أو تنخفض بشكل معقول وبنسب معينة، حسب حاجة السوق من مرحلة الإنتاج وحتى التوزيع للتجار وأصحاب المحلات.
أعتقد بهذه الطريقة تضبط الأسعار، أما ما هو موجود الآن، التاجر «يلعب بكيفه» فلو اجتمع أصحاب محلات واتفقوا على سعر معين فسيطبق بلا حسيب أو رقيب! نعم، وزارة التجارة مسؤولة عن ضبط الأسعار وتقنينها وعدم تركها بشكل عشوائي لجشع التجار، ولكن المشكلة تتوقف علي وضع الحلول الصحيحة فهي ليست محصورة فقط بالرقابة بل هي مشكلة مؤسسية بشكل رئيسي.