زمن الطيبين
ذلك الزمن المحمل بعبق الحياة، ليت نفحة عطرة من تلك الأيام تعود وتستقر هنا ولا تعود حيث تركنها، لو كنا نعلم بأننا سنكون مولعين به ماذا لنكون قد صنعنا؟ أترانا حاولنا أن نوقفه؟ أم صنعنا بعضاً من الذكريات بتلك الأيدي الصغيرة؟ لكنه شيء كان ولن يعود.
من المؤكد أن جزءا من سبب هذا الحنين كما يعتقد الكثير أن النفوس قد تبدلت وأصبحنا في زمن تطغى فيه المصالح الشخصية على المحبة، بتنا نبحث عن أشباهنا ومن ثم نقول لقد رحل الطيبون، ثم نعكف على التكنولوجيا ليس لأنها سبب في ذلك، لكنه الهروب، حتى أضعنا الكثير من أعمارنا، ولم نصنع لنا شيئا حتى إذا ما مرت هذه السنين نبتسم مع كل رقم من أعمارنا فيها، فليس لدينا إلا قليل مما نبتسم لأجله حين نتذكره ونشعر بأننا كنا فراشات تطير فلا همّ ولا عتب ولا جدال ولا أحقاد تظهر من حيث لا نحتسب. كان جيلا ذهبيا بحق، لست بصدد تمجيد جيل على جيل، فربما يكون هذا الجيل أيضا يشعر بذات الشعور الذي يراود الجيل السابق وكذلك من هم سبقونا، ومن الوارد أن يكون جزء ممن تغيروا هم من ذات الجيل ليس إلا، ومن المؤكد أننا لا نعمم ونقول الناس جميعا فالطيبون والسيئون في كل الأزمنة فلا تزال هناك قلوب طاهرة نقية حملتها العقود، وجاءت أيضا بأرواح جديدة جميلة فالشكر لله على نعمه وعلى ما ألهم به عقول البشرية لتتطور أساليب المعيشة والتغيير لن يتوقف عن العالم، بل نحن على موعد مع عجلة المستقبل فلكل يوم أهمية من التقدم كما يقول الفيلسوف اليوناني هيراقليطس: ”الشيء الثابت الوحيد في الحياة هو التغيير“ هذا يعني أن كل شيء في الكون يتغير باستمرار، وأن لا شيء يبقى كما هو للأبد، وكما قال أيضا ”لا يخطو رجل في نفس النهر مرتين أبدا“.
لا شك أن لكل زمان روحًا خاصة به ”هلموا نصنع أياماً جميلة كتلك“.