آخر تحديث: 21 / 12 / 2024م - 5:28 م

75 عاما من مسيرة حقوق الإنسان

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

حلت علينا الذكرى الخامسة والسبعون لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث صدر في العاشر من ديسمبر 1948، ورغم أن العمر الزمني لـ «الإعلان» في بدايات الشيخوخة، فإن عمره العقلاني وصل الثلاثين عاما، وذلك انطلاقا من المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا سنة 1993، الذي يعد بمثابة القاعدة التي أرست المعايير الحديثة لتطبيق مبادئ حقوق الإنسان في العالم، هذا المؤتمر الذي احتضنته العاصمة النمساوية عزز نشاطات منظمات المجتمع المدني بشكل لم يسبق له مثيل، وحتى على مستوى العدالة الدولية التي لم تكن معروفة قبل عام 1993 سوى محكمة نورمبرج «التي أنشأها الحلفاء لمحاكمة القادة النازيين إثر نهاية الحرب العالمية الثانية»، ولكن بعد المؤتمر تم تأسيس 6 محاكم دولية خاصة، إضافة إلى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002. وعلى الرغم من صدور ما يزيد على 200 وثيقة حقوقية دولية وإقليمية تتجاوز «الإعلان» وتدخل حيز القانون في تعزيزها لدور الإنسان فإن القهر والقمع والتعذيب والحرمان ما زالوا منتشرين في كثير من أصقاع الدنيا، بل إن لدينا حاليا أكبر مأساة إنسانية في التاريخ تجري في غزة، وكل نشاطات السلطات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تتعارض مع القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان»، والاستمرار في محاصرة قطاع غزة «يتعارض مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة لليوم السبعين على التوالي، ولا يتوانى في قصف مدن قطاع غزة بوابل الصواريخ والقصف والدمار، في الوقت الذي تفشل فيه الجهود الأممية في وقف العدوان على القطاع، الذي يعاني من حرب تسببت باستشهاد نحو 18 ألفا، أكثرهم من الأطفال والنساء، وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين. واللافت أنه يصادف اليوم احتفاء العالم بالذكرى ال75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهي السنة نفسها التي سقطت فيها حقوق الشعب الفلسطيني رسميا.

إن ما يجري من تدمير المنازل والاستخدام المفرط للقوة يدخل في الممارسات التمييزية والعنصرية من السلطات الإسرائيلية، ويمثل خرقا فاضحا لحقوق الإنسان. ورغم التطور الملحوظ في الآليات الدولية لحماية البشر، كمجلس حقوق الإنسان، والمراجعة الدورية الشاملة، والإجراءات الخاصة، وبداية فعالية العدالة الجنائية الدولية، ومحاكمة مجرمي الحرب، وزيادة حجم مراكز البحث المتخصصة، والمنظمات الحقوقية الدولية غير الحكومية، وبروز مصطلحات حقوق الإنسان على السطح بشكل يوحي بزيادة الوعي الحقوقي على مستوى العالم، هذه التطورات وإن كانت شكلية فإن قابلية المجتمعات البشرية للانكسار ما زالت كبيرة. ويبدو أننا سنظل هكذا في ما يرتبط بالحالة الحقوقية، خطوة للأمام، وخطوتان للوراء، بل ربما أكثر، لذا صار على دعاة السلام والتسامح واحترام كرامات الإنسان أن تتضافر جهودهم وتتطور أدواتهم للتعامل مع الأزمات والمآسي والكوارث الاجتماعية والاقتصادية القادمة بصورة أكثر وعيا وأكثر فعالية.