من وظائف الشعر: مسكن الألم ومكافح للقلق والشعور بالوحدة والعزلة
تسببت ”جائحة كوفيد -19“ في ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب في جميع أنحاء العالم بنسبة 25% تقريبًا، وفقًا للبيانات التي نشرتها منظمة الصحة العالميّة. وفي حين ساهم الخوف من الإصابة بالفيروس والمخاوف الأحرى، كالماليّة وغيرها، إلى حد كبير في هذه الزيادة، فقد خلقت العزلة الاجتماعية، وعلى نطاق أوسع، الشعور بالوحدة، باعتبارها العوامل الرئيسة للتوتر والقلق. وهو ما دفع العديد من المنظمات والجمعيّات والمؤسسات إلى إطلاق مبادرات للتخفيف من حدة المشكلة. على سبيل المثال، بالشراكة مع جامعة بليموث (Plymouth University)، وجامعة نوتنغهام ترنت (Nottingham Trent University) في المملكة المتحدة، أطلق مجلس أبحاث الآداب والعلوم الإنسانية (Arts and Humanities Research Council, اختصارًا: AHRC) مشروعًا يمكّن الناس من مشاركة الشعر وقراءته عبر منصة (Poetryandcovid.com).
بعد أكثر من ثلاث سنوات من إطلاق هذه المنصة - ”المؤرشفة“ (archived) الآن [1] باسم Poetryandcovidarchive.com - سعى فريق من الباحثين من الجامعتين المذكورتين إلى تحديد تأثير هذا النوع من المبادرات على الصحة العقليّة لبعض مستخدميها. ولتحقيق هذه الغاية، أجرى العلماء دراسة استقصائية لـ 400 شخص استخدموا الموقع لمشاركة نصوصهم الخاصة أو قراءة نصوص الآخرين. وأظهرت النتائج أن كتابة الشعر أو قراءته أو مشاركته كان لها ”تأثير إيجابي“ على الصحة العقليّة للمستخدمين خلال هذه الفترة الصعبة.
قال الباحث الرئيسي أنتوني كاليشو، أستاذ الشعر والكتابة الإبداعيّة في جامعة بليموث، في بيان صحفي: ”تظهر هذه“ النتائج القوة الجوهريّة للشعر، إنّ كتابة الشعر وقراءته، وكذلك التفاعل مع الموقع، كان له تأثير إيجابي كبير على صحة المشاركين [النفسيّة] خلال جائحة كوفيد -19. وأضاف قائلًا: ”بالإضافة إلى دعم صحة المشاركين ورفاهيتهم، ساهم الموقع في تعافيهم الاجتماعي والثقافي أيضًا وقدم فهمًا لكيفيّة استخدام الشعر كوسيلة للخطاب أثناء الوباء“ [2] .
وتفصيلاً، أظهرت الدراسة أن الشِّعر ساعد غالبية المستخدمين الذين شملهم الاستطلاع (51%) على التعامل مع الوحدة والعزلة الاجتماعية، بينما ساعد في إدارة القلق والاكتئاب لدى 50% من المشاركين.
قال أحد مستخدمي المنصة في الاستطلاع:“لقد كان الشعر شريان الحياة طوال فترة الوباء، سواء في قراءته أو كتابته”؛ مجرد تصفح النصوص الشعريّة جعل الكثير من المتصفحين يشعرون بالتحسّن.
وأفاد أكثر من ثلث المشاركين في الدراسة (34%) أنّهم شعروا ”بقلق أقل“ بمجرد التعامل مع الموقع، بينما قال 24% منهم أنّ الموقع ساعدهم على الشعور بقدرة أفضل على التعامل مع مشكلاتهم.
وفي رأي الدكتور روري ووترمان، الأستاذ المشارك في الأدب الحديث والمعاصر في جامعة نوتنغهام ترنت: ”تظهر هذه الدراسة أن الإبداع، إلى جانب فرصة الشرح والمناقشة الآمنة والداعمة، يمكن أن يساعد الناس على تحمل الأوقات والظروف الصعبة من خلال توفير المنافذ التي يمكنهم من خلالها العمل على فهم التجربة“.
إذا كانت الموسيقى ”تهدئ الروح“، كما يقال، فإن للشعر ”قوى“ عجيبة بفوائد نفسيّة عديدة. هذا ما كشفته دراسة أجريت خلال ”جائحة كوفيد -19“ بأنّ الأشخاص الذين يكتبون أو يقرؤون الشعر أقلّ شعورًا بالوحدة والحزن والقلق.