آخر تحديث: 4 / 12 / 2024م - 11:28 ص

التبذير والإسراف

صالح مكي المرهون

الإسراف: هو مجاوزة الحد في الإنفاق من مأكل ومشرب، ومسكن، وملبس. كل وقت وزمن يعيش فيه الإنسان هو نعمة من الله سبحانه وتعالى، بل هي من نعم الله على الإنسان، لذا ينبغي أن تصرف في مكانها الصحيح، ولا يصح تبذيرها فيما لا ينفع، ولا نعتبرها زائدة عن الحاجة، ونضيعها في غير منفعة واستفادة، فهذا من التبذير والإسراف. ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : «ما أنقصت ساعة من دهرك إلا بقطعة من عمرك». وعلى الإنسان أن يسرف في أمر يحبه الله سبحانه وتعالى، ولا أن يسرف فيما يبغضه الله.

لا شك ولا ريب بأن التبذير والإسراف مذموم ومرفوض. صحيح أن نعم الله وثروات الكون خلقت من أجل الإنسان، وهي مسخرة له، وأن هذه النعم والخيرات والثروات الكونية هي لجميع البشر، فلا يصح لأحد أن يتصرف فيها كما يشاء ويبعثر فيها يمينا وشمالا، ويعبث بها، بدون استفادة، ويحرم غيره من الانتفاع بها. وهذا ليس خاصا بالممتلكات العامة فقط، بل حتى في الممتلكات الخاصة. فلا يصح للإنسان أن يبذر إمكانياته في غير مكانها الصحيح، ويحرم غيره من الانتفاع منها. لهذا الله سبحانه وتعالى ينهى عن التبذير بشتى أنواعه، ويقرر سبحانه أن من يفعل ذلك فإنه يصبح في عداد الشياطين، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء: آية 27]

الآيات القرآنية والنصوص الشريفة الإسلامية الواردة عن أهل البيت تحذر بشدة من التبذير والإسراف. ولا يكون التبذير والإسراف في المال والمأكل والمشرب فقط، بل في جميع ما تحت تصرف الإنسان من ممتلكات عامة أو خاصة.

نحن نرى أن البعض لا يبالي بهذا الجانب لا سيما في الأعراس أو في المحافل، حتى في المناسبات الدينية. ففي بعض المناسبات يصنع بوفيه للطعام، وهي عادة طيبة، لكي يتم المحافظة على الطعام المتبقي. لكننا نحن مع الأسف لم نحسن التعامل مع هذه الطريقة، أو هذه النعمة المتبقية التي من شأنها أن تحد من الإسراف والتبذير. فترى من يملأ صحنه بشتى الأصناف، فوق حاجته، ثم يأكل شيئا بسيطا، ويترك الباقي ليرمى في القمامة لاحقا.

بعض المجتمعات ينظرون باشمئزاز للشخص الذي يأخذ طعاما فوق حاجته، ويترك باقيه يرمى بالقمامة. على الإنسان المسلم أن يحافظ على هذه النعمة حتى لا تزول. ونتذكر بأن هذا العمل إسراف وتبذير، وهو من عمل الشياطين، وسيحاسبنا الله عليها. تذكروا بأن كثيرا من الناس محتاجين لهذه النعمة فأطعموا من يحتاج إليها.

والإنفاق على الأولاد والتوسع بما يدخل في حيز السرف والتبذير، وما يصرف في بناء المسكن، والملبس، والمشرب فوق الحاجة، سيكون وبالا على الإنسان يوم القيامة. وإذا أراد الله بعبد هوانا أنفق ماله في غير حاجته، بمعنى في غير مكانه الصحيح.