آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

‏حرب رقائق الذكاء الاصطناعي: هل من المجدي إمساك العصا من الوسط؟

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

فيما يخص تقنيات الذكاء الاصطناعي، يبدو أن العالم يعايش“حرباً باردة”صينية أمريكية؛ إما أن تتعامل الشركات وتعاون وتتحالف مع شركات وتقنيات أمريكية أو مع الصينية، إذ أن الولايات المتحدة تنتهج سياسة معلنة للحفاظ على تفوقها في هذا المجال، وعمل كل ما مِنّ شأنه منع تسريب تلك التقنيات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عبر بلدٍ ثالث. هذا الاستنتاج توصلت له شركة إماراتية في مجال الذكاء الاصطناعي «تسمى G42»، وذلك وفقاً لما نقلتهُ صحيفة فايننشال تايمز في مقابلة مع الرئيس التنفيذي للشركة.

وليس واضحاً مدى تأثير ذلك على الشركات السعودية، وهو على كل حال لن يؤثر إلا على الشركات التي في مراحل متقدمة من البحث والتطوير وبحاجة إلى رقائق فائقة الأداء التي تستخدم في منتجات الذكاء الاصطناعي، فيما تعمل أمريكا لمنع وصول تلك الرقائق إلى الصين بكل الوسائل والسُبُلّ، بما في ذلك مراقبة صفقات الاستثمار الأجنبي في شركات الذكاء الاصطناعي، ولاسيما المُصنعة للرقائق، كما حدث مؤخراً لصندوق استثمار سعودي.

وتحفظ الحكومات على الأسرار العلمية وبراءات الاختراع ذات الحساسية لأمنها الوطني أو لتفوقها التقني ولمصالحها الاقتصادية أمر قديم قدم المنافسة بين الأمم، ولذا فإن كذلك الحل التقليدي هو التوصل إلى اتفاقات بهذا الشأن، إذ يبدو أن الولايات المتحدة تتحوط تحوطاً لا هوادة فيه لمنع وصول تقنياتها إلى الصين، ومن أجل ذلك فهي تسمح لبلدانٍ بالاستفادة من تقنياتها شريطة الدخول في اتفاقات تحد من اتاحة تلك التقنيات للغير، وبالتحديد الصين.

ولا ينبغي أن نفهم مما تقدم ان الصين لا تُصنِع رقائق الذكاء الاصطناعي، لكنها لا تمتلك التقنية لتصنيع الرقائق فائقة الأداء، وهي بالتالي تعتمد كلياً على استيرادها من الخارج وتحديداً من شركتيّ Nvidia وAMD. حالياً، فإن حجم سوق رقائق الذكاء الاصطناعي فائقة الذكاء لا زال صغيراً، إذ يقدر بنحو 15 مليار دولار، لكن يؤكد الواقع وتشير التوقعات إلى أن آفاق نمو هائلة، بمعدل نمو سنوي مركب يتجاوز 35 بالمائة، وبذلك فمن المتوقع أن تتجاوز السوق حاجز 400 مليار دولار قبل العام 2032.

أما الأمر المُحَيرّ فهو أن للولايات المتحدة حالياً اليد الطولي في سوق الرقائق فائقة الأداء، فحصتها منه تتجاوز النصف، لكن الأمر لن يبقى كذلك، فالصين تضع امكانات هائلة للحاق والتقدم على الولايات المتحدة، وستظهر نتيجة التطاحن خلال السنوات القليلة القادمة، ما يجعل الاصطفاف مع إحدى الدولتين وشركاتها «كما فعلت الشركة الأماراتيةG42» أمراً لا يخلو من مجازفة.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى