الخذلان منبع لكسر الثقة والأمان
عندما يخذل الإنسان من الشخص الذي قد آمن ووثق به، فلن تعود ثقته بشيء آخر ولا بشخص آخر، فقد كُسر من ذات المكان الذي قد آمن ووثق منه، لم يعد حتى قادرٍ على الوثوق بيد شخصٍ قد تمتد إليه بيومٍ ما، وربما لن يعود قادرًا حتى على أن يثق بنفسه.
ما أصعبه من شعور مهلكٍ للذاتِ والروح!
إنه حقًا شعورٍ مؤلم.
عندما نتعرض لصدمةٍ ما وبطريقة معينة تتشبث تلك الصدمة بذاكرتنا المرهقة التي تكاد تنجو من كل هذه الأراجيف والآلام والمعاناة التي تقاومها بشكلٍ مستمر، لتقوم بإهلاكنا أكثر فأكثر.
فبدل أن ننسى ما قد مررنا بهِ تقوم هذه الصدمات والخذلان بتحرير وتحريك جميع تلك المشاعر القابعة داخل أعماقنا، لتجعل أعيننا تذرف الدموع بشكلٍ مهلكٍ ومحرقٍ لها.
فنحن بالكاد قد كنا نحاول أن نمكّن أنفسنا من كل تلك الذكريات المريرة.
فما أن جاءت صدمةٍ جديدة وخذلانٌ وألمٌ جديد تفيض كل تلك الآلام لتنهش بأرواحنا المتعبة، لقد تراكمت علينا الضغوط والليالِ الحالكة بالسواد.
لقد اشتدت علينا الآلام الصامتة المميتة الداخلية، لتعيث ألمًا صامتاً مميتًا مبرحًا، من داخل أرواحنا إلى أن تقوم بمحوِ خارجنا لتجعلنا أشخاصًا بليدين المشاعر والأحاسيس، لتجعلنا لا نكترث بأي شيء مطلقًا فهي قد قامت بقمع أرواحنا.
إلى أن أودت بنا لمكانٍ مظلم وحالك.
لقد جعلت منا أشخاصًا مختلفين عن ذي قبل، أشخاصًا غير قادرين على الوثوق بأي شخص مطلقًا، لقد جعلت منا أشخاصًا أصابهم الوجوم والتبلد الذي لا مفر منه إلا بمعجزة كونية.