ما السياسة الاقتصادية لصندوق الاستثمارات العامة؟
دور صندوق الاستثمارات العامة الاقتصادي محوري لا شك، وهو تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، والسؤال: ما خطوط تماس الصندوق مع القطاع الخاص محلياً وعالمياً؟ وما الخطوط العريضة أو الإطار الذي يمايز بين ما يرى الصندوق أنه ضمن مرماه وما يرى أنه خارج نطاق اهتماماته، من حيث المساهمة في السِعة الاجتماعية - الاقتصادية، ومن حيث المبادأة والمشاركة الاستثمارية؟ وكذلك من حيث القابلية لتحمل المخاطر داخلياً مقابل تحقيق مكاسب اقتصادية أولاً ومالية في المدى المتوسط والبعيد، وخارجياً في سبيل تحقيق مكاسب. وفي الأدبيات الكلاسيكية حول قابلية الصناديق السيادية للمخاطر، فإنها تميز بين مصدر أموال الصناديق السيادية إلى ثلاثة أنواع، وتعتبر أن تلك التي مصدر أموالها النفط والموارد الطبيعية هي الأعلى قابليةً لتحمل المخاطر، والنوعين الأخرين هما: الفوائض المالية واحتياطات النقد الأجنبي.
هذه الأسئلة ليست نابعة من فضول مجرد، بل للتعرف على“سياسة صندوق الاستثمارات العامة الاقتصادية وسياسته الاستثمارية”.
لا شك أن نشاط صندوق الاستثمارات العامة وإيقاعه العالي في إطلاق المبادرات، وتأسيس شركات جديدة، وامتلاك حصص في شركات قائمة، قد اجترح حِراكاً مُلفتاً، وديناميكية دؤوبة لا تعرف التقاط الأنفاس، ونهجاً متوثباً لا تنقصه الجرأة، مما جَلَب نَفَساً متقدةً لبيئة الأعمال في السعودية. وكما هو معروف فحِراك الصندوق مرتكزٌ إلى استراتيجيتهِ التي أعلن سمو ولي العهد قبل نحو ثلاثين شهراً «يناير 2021» أنها تتضمن خمسة محاور:
- إطلاق قطاعات واعدة
- تمكين القطاع الخاص
- نمو محفظة الصندوق محلياً ودولياً
- تحقيق استدامة الاستثمار بفاعلية
- الشراكات وتوطين التقنيات والمعرفة.
وليس من شك أن الإمكانات الاستثمارية الهائلة التي يمتلكها الصندوق، جعلته يعمل على تحقيق تقدم بالتوازي على المحاور الخمسة أعلاه، فقد حقق استثمارات في 13 قطاعاً استراتيجياً، وأطلق مبادرات لزيادة المحتوى المحلي لشركاته إلى 25 بالمائة بحلول العام 2025، ودعم برنامج تطوير الموردين لشركات الصندوق، وإنشاء منصة للقطاع الخاص تهدف لتمكين القطاع الخاص المحلي التعرف على الفرص المتاحة.
وليس محل شك ان دور صندوق الاستثمارات العامة النشط في الاقتصاد المحلي يضيف إمكانيات لم تكن متوفرة عندما كان دور الصندوق ساكناً قبل انطلاق الرؤية؛ إذ أن الصندوق مستثمر طويل المدى بما يمكنه من استكشاف وتأسيس أنشطةٍ اقتصاديةٍ جديدة، وهذه تتطلب سنوات ممتدة لتحقيق عائد باعتبار أن الاطلاق يعني: بنية تحتية وتنظيمية وفوقية تستوجب استقطاب شركاء تقنيين وممولين، وتحمل مخاطر عالية لا قبل لمصفوفة مخاطر القطاع الخاص بها.
ومع ذلك يُلّح السؤال: ما الخطوط الفاصلة أو حتى الواصلة مع القطاع الخاص بما يعظم استقرار الاقتصاد الكلي؟ وتكمن أهمية تحديد تلك الخطوط في حاجة الاقتصاد لاستثمارات الصندوق وبحاجة إلى استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي، ولا مجال لتثبيط أياً منهما، لذا ينبغي أن يتاح المجال تاماً غير منقوص لكليهما، دون تعارض مُعيق أو مزاحمة طاردة.