آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

هل قراءة الروايات مفيدة وماهي فوائد قراءتها؟

زاهر العبدالله *

مقدمة

الروايات تنقسم بطبيعتها لثلاثة أنواع من العلوم

أولها وأهمها هو الأحكام الشرعية التي تناقلها الأصحاب من منبع العلم وهو المعصوم الأول هو النبي الأعظم محمد ﷺ ثم من وصى بهم رسول الله ﷺ حيث قال عند الفريقين على اختلاف الألفاظ، إلا أن المضمون واحد فقال: [ إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما] أهل البيت في الكتاب والسنة - محمد الريشهري - الصفحة 126.

وهنا نركز على أن من يعرف الأحكام الشرعية بشكل دقيق هم محمد وآل محمد.

أما العلم الثاني: هو علم العقائد

الذي يجب على المكلف السعي لوحده في البحث والتأمل فيه؛ لأنه طرق استدلالية على وجود الخالق من خلال آثاره ونعمه وتفضله على خلقه كذلك على من حولهم من كواكب وأشجار وأنهار وحيوانات وجبال وغيرها من مخلوقاته التي ترى والتي لا ترى إلا من خلال الأجهزة المتطورة، ويبقى الإنسان في حالة اكتشاف دائم لأسرار هذا الكون فالروايات هنا تحفز العقل على التفكر والتأمل والبحث في مخلوقات الله سبحانه مثل قوله تعالى ﴿أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ «17» وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ «18» وَ إِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ «19» وَ إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ «20» فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ «21» الغاشية. وغيرها من الآيات التي تفتح آفاق المعرفة أمام الباحث والمتفكر والمتأمل ليستلهم المعارف الربانية التي تلامس فطرته وتنبه عقله ليزيد قربه من الله سبحانه وتعالى ويحسن عبادته.

أما القسم الثالث: هو قسم المعارف الدينية

المتعلقة بالمعاملات بين الناس فتأخذ صوراً شتى علاقة الإنسان بنفسه وعلاقته مع ربه وعلاقته مع أسرته وعلاقته مع مجتمعه وعلاقته مع من يختلفون معه في المذهب أو الدين أو الوطن كما قال سيد الموحدين أمير المؤمنين علي في عهده لمالك الأشتر رضوان الله عليه في صفات الحاكم العادل الذي ينبغي أن يكون مع رعيته والتي أصبحت دستوراً في الأمم المتحدة حيث قال أبو الحسن لمالك الأشتر [ وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بالإحسان إليهم. ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق، تفرط منهم الزلل وتعرض لهم العلل، ويؤتي على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفو [ه] فإنك فوقهم ووالي الأمر عليك فوقك والله فوق من ولاك بما عرفك من كتابه وبصرك من سنن نبيه ﷺ. عليك بما كتبنا لك في عهدنا هذا] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 74 - الصفحة 241.

فالروايات هنا تكشف لك كثيراً من الأسرار التي تنفعك في حياتك العامة لأنها عصارة تجارب وأحداث تجعلك تميز بين الخير والشر والعلم والجهل والنور والظلمة وتجعلك تعرف طباع البشرية المشتركة التي لا يحدها زمان ومكان بل تكون متكررة عبر العصور والدهور لأنها من أصل الطبع البشري كما ورد في الرواية

قوله ﷺ لأصحابه: [لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضب لا تبعتموهم ] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 31 - الصفحة 144.

الخلاصة: قراءة الروايات قراءة متأملة ودراسة معمقة تكشف لك كثيراً من الأسرار والمعارف والأحكام الشرعية والعقائد ما يجعلك تميز بين الحق والباطل وتعرف من خلالها معادن الرجال وتعرف من خلالها أن طريقك سليم أم به خلل وأفضل طريق آمن وسليم هو الدراسة تحت أساتذة مشهود لهم بالعلم والمعرفة في الأوساط العلمية فإن الإنسان إذا اعتمد على نفسه يهلك كما ورد في الرواية عن الإمام زين العابدين [ هلك من ليس له حكيم يرشده.. ] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 4 - الصفحة 3464. والحمد لله رب العالمين.