آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

على نفسها جنت براقش «”إسرائيل“»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

لا شك أن الخسارة الأكبر، والتي لا تقارن بها خسارة، هي خسارة الأرواح البريئة. أما خسارة اسرائيل الاقتصادية نتيجةً لحربها على غزة فهائلة، تماثل إن لم تزد عما تنفقه على آلتها العسكرية حتى تحدث الدمار في المواقع الفلسطينية المأهولة بالسكان المدنيين، وتعود ضخامة تلك الخسارة لأسباب:

  1. أفرز استخدام ”إسرائيل“ المٌنفلت للقوة العسكرية رأياً عاماً عالمياً حكومياً مضاداً لإسرائيل غير مسبوق، يتجسد في أن كل حكومات المعمورة - إلا القليل - طالبت“إسرائيل”وقفَ الحرب.
  2. أفرز استخدام ”إسرائيل“ المفرط للقوة دون أي اعتبار، إلى هيجان الرأي العام الشعبي في معظم الدول التي هي تقليدياً مساندة لإسرائيل؛ فالمظاهرات ودعوات المقاطعة اجتاحت امريكا وأوربا، وتحديداً: في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وألمانيا، ليس هذا فحسب بل أن العديد من تلك المظاهرات، التي تصدرت أخبارها كبريات الصحف ومحطات التلفاز الرئيسة، كانت تضامناً مع الشعب الفلسطيني ومسعاه للحرية والعدالة.

هذا التوجه العالمي المضاد لسياسات وممارسات ”إسرائيل“ المفجعة ضد الفلسطينيين العزل لها بطبيعة الحال انعكاسات اقتصادية لحظية وبعيدة المدى، الواضح منها زيادة الانفاق العسكري والأمني، وتحديداً التكاليف المتصاعدة لتشغيل وتزويد وتعزيز الآلة العسكرية الإسرائيلية، والتكاليف الإضافية للحفاظ على الأمن، ومن تلك الانعكاسات الاقتصادية: تدني السياحة، وتبخر تدفق الاستثمارات الأجنبية، وتراجع الطلب على السلع والخدمات الإسرائيلية، منها على سبيل التحديد:

  1. انخفض الاشغال في الفنادق الاسرائيلية 30 بالمائة في اكتوبر 2023 مقارنة بأكتوبر 2022،
  2. تراجع عدد الزيارات السياحية 25 بالمائة في نوفمبر،
  3. انخفضت تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر لإسرائيل في الربع الثالث 20 بالمائة مقارنة بالربع النظير 2022،
  4. تراجعت صادرات اسرائيل من السلع والخدمات 12بالمائة في الربع الثالث مقارنة بالربع النظير 2022.

أعيد ما بدأت به، وهو ألا خسارة تعوض عن ضياع الأرواح البريئة في دكٍ أعمى للمساكن المأهولة، لكن ينبغي أن نرّصد أمراً سيكون مصدر ألمٍ مزمنٍ لإسرائيل، وتكون على نفسها جنت براقش، وهو أن الصورة التي لطالما سعت“إسرائيل”لرسمها في وعي المجتمعات الغربية، بأنها دوحة الاستقرار الأمني، ومرتعاً الازدهار الاقتصادي، ومقراً للتمدن الإنساني، أخذ ذلك الانطباع يتلاشى ويتمرغ في أتونٍ الاستهتار بأرواح الأبرياء وحقوق السكان تحت الاحتلال، لتحل محله خسائر مستدامة لإسرائيل اقتصاداً وسمعةً.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى