طبيب القلوب
- بعض المهن لا ينبغي أن يكون لها سن تقاعد أو دعني أكون أكثر دقة بعض الأشخاص لا يجب أن يغيبوا عن ساحة أعمالهم أو ميادينهم التي يُبدعون فيها. بحكم وظيفتي مر علي الكثير من الأطباء مرور الكرام والقليل من بقي الذاكرة ليس تقصيرًا فيهم لكن لأن بطل قصتي اليوم تجاوزت موهبته كونه طبيبا، فهو قبل ذلك المبدع، الخَلاَّق ذو البصمة المميزة أينما حل، طبيب تسبقه انسانيته.
استشاري القلب السعودي الدكتور شكري السيف الذي إن بدأ صباحك بعيادته لن تعود إلى منزلك حتى تغيب الشمس وأنت إلا وأنت راض، وإن كنت في اجتماع يرأسه ستعيد تعريف معنى الأولوية والأهمية والإنجاز وحل المشكلات.. وإن حدث وقصدت مكتبه لمشكلة سيكون بوصلة تستدل بها باتجاه حل معضلتك.
حتى مروره على المرضى لا يمر مرور الكرام بل مرور اللين الهين الساعي لنشر العلم على زملائه وطلابه من الأطباء المستجدين، وإن قرأت تقريرًا منظمًا دقيقًا محكمًا محددًا لن تستغرق أكثر من ثلاث ثوان حتى تكتشف أنه كُتب بواسطة ساحر المركز وذلك لأن، حتى خطه مميزًا واضحًا بخلاف معظم الأطباء.
وكان لديه شعارات كثيرة منها «لا للخطأ «لأنه يؤمن أننا نستطيع تلافي كثير من الأخطاء إذا ما قمنا باتباع قواعد وأسس الإجراءت الطبية بصورة واضحة ومحددة.
«وكل مشكلة لها «، حتى لقب بحلال المشاكل الصعبة والمستحيلة.
لم ننتهِ بعد:
الطبيب المتألق الذي لم يتأثر بالانطولوجيا الديكارتية التي تنظر للجسم البشري كآلة والطبيب كمهندس فني وظيفته إصلاح تلك الآلة بل كان يعيّ تماماً أن لكل مريض تاريخ شخصي ومخاوف وإرادة جميعها مرتبطة بمرضه وبما يشعر به.
كان الدكتور شكري السيف متميزاً في البحث العلمي على مستوى المملكة والعالم. قضى معظم أيامه بين أروقة المستشفى ما بين معالج متميز وإداري ناجح، إذ إنه جمع بين التميز العلمي والإداري وأيضًا الإنساني والأخلاقي.
وقد تتفق مع شخصية الدكتور شكري أو تختلف معه في فكرة لكنك تحترم وتقدر ما يقوم به وتقف له إجلالًا واحتراماً..
شخصيًا تعلمت منه أن النجاح رحلة لا محطة وأن الكون يعطيك بقدر ما تسعى وإذا أردت الوصول لتكن لديك رؤية واضحة وعزيمة ودأبا والتزاما ورغبة في التقدم..
وكأني به يردد:
«إن لم أجد دربًا يقودُ لغايتي
فلأصنعَنَّ إلى النجاحِ طريقا»
مُمتنة لكل الاطباء الذين يشبهونه علمًا وأدبًا وأخلاقًا وانسانية، وأسأل الله أن يمد في عمره ويبارك له في حياته مع عائلته الكريمة في مرحلة جديدة ومباركة.