المشاعر الاجتماعية
التعاطي مع المشاعر الاجتماعية ينطلق من طبيعة التفكير السائد، وكذلك حسب نوعية الثقافية المكرسة في الوجدان الإنساني، فهناك شرائح ليست في وارد الاهتمام بالمشاعر الاجتماعية، انطلاقا من المحركات الثقافية التي تستند عليها، الأمر الذي يدفعها لارتكاب العديد من التجاوزات، مما ينعكس على المشاعر الاجتماعية بطريقة سلبية، بينما تجد بعض الشرائح نفسها محكومة بقواعد أخلاقية، تمنعها من تجاوز العديد من المفاهيم السائدة، تفاديا لإحداث خدوش في جدار المشاعر الاجتماعية.
القناعات المتباينة تحرك الممارسات لدى الفئات الاجتماعية، فكل فئة تحاول تبرير ممارساتها بطريقة مختلفة، بهدف إضفاء صبغة ”شرعية“ على تحركاتها المختلفة في البيئة الاجتماعية، خصوصا وأن ردود الأفعال تلعب دورا أساسيا، في ضبط إيقاعات الممارسات الخارجية، الأمر الذي يدفع مختلف الشرائح الاجتماعية لمحاولة تبرير الأعمال بطريقتها الخاصة، للحصول على الغطاء الشرعي، وتكريس وجودها في الواقع الاجتماعي، وبالتالي فإن النظرة إلى المشاعر الاجتماعية، تتباين تبعا لطبيعة التفاعل مع البيئة الاجتماعية السائدة.
النظرة السطحية للآثار المترتبة على تجاوز المشاعر الاجتماعية، مرتبطة بنوعية المحركات الثقافية لدى بعض الفئات الاجتماعية، بحيث تحدد البوصلة في الاتجاهات المختلفة، فإذا كانت ذات طبيعة مصلحية، فإنها تتحرك باتجاه تدمير تلك المشاعر بمختلف الممارسات، من أجل الوصول إلى الغايات والأهداف الشخصية، خصوصا وأن التعاطي بحساسية مع المشاعر الاجتماعية، يعرقل الخطط المرسومة، ويؤخر عملية الوصول إلى تلك الغايات، الأمر الذي يستدعي التحرك دون الالتفات إلى الوراء، أو محاولة استرضاء بعض الفئات الاجتماعية، بينما تحد المحركات الثقافية من سرعة بعض الفئات الاجتماعية، جراء الخشية من الآثار المدمرة لتجاوز بعض المشاعر الاجتماعية، لا سيما وأن التعاطي مع الترسبات الناجمة عن الإقدام على بعض الأعمال، تكون وخيمة على المدى القريب، وأحيانا عميقة في الأجل الطويل، مما يتطلب انتهاج الآليات والأساليب القادرة على خلق حالة، من التوازن بين الطموحات الذاتية والمشاعر الاجتماعية.
القدرة على القراءة الواعية للحفاظ على المشاعر الاجتماعية، عملية أساسية في وضع الأمور في الاتجاهات الصحيحة من جانب، والحفاظ على التوازنات القائمة في البيئة الاجتماعية من جانب آخر، لا سيما وأن غياب الوعي يدخل المجتمع في مشاكل كبرى، بحيث لا تقتصر على شريحة دون أخرى، وإنما تصيب الجميع بمقتل في الغالب، ومن ثم فإن القراءة السليمة مدخل أساسي لإنقاذ الموقف من التداعيات الخطيرة، خصوصا وأن التنافس القائم بين الأطراف المختلفة، يدفع نحو ارتكاب حماقات كبرى، مما يتسبب في العديد من الأخطار على الصعيد الإنساني، مما يستدعي التحرك وفق رؤية واضحة، للحصول على النتائج الإيجابية على الصعيد الاجتماعي، بمعنى آخر، فإن تحطيم المشاعر الاجتماعية لا يكسب الشرعية، أو تحقيق الانتصار لدى بعض الفئات الاجتماعية، بقدر ما يولد الكثير من السلبيات على الصعيد الإنساني، ويدمر العلاقات العديد من المفاهيم السائدة، على الإطار الاجتماعي.
وضع الخيارات المناسبة للتعامل الواعي، مع المشاعر الاجتماعية، يساعد في انتهاج الآليات المثالية على الصعيد الاجتماعي، خصوصا وأن تحديد الأولويات يضع الممارسات الحياتية في الموازين السليمة، من خلال تقديم الأعمال ذات الأثر الإيجابي، على الممارسات المدمرة للواقع الاجتماعي، الأمر الذي يحرك الأمور في الاتجاهات المناسبة، بعيدا عن الأطماع الذاتية، أو تجاهل التداعيات الخطيرة في البيئة الاجتماعية، فالأوضاع السائدة تفرض استبعاد العديد من الممارسات، باعتبارها شرارة تشعل المحيط الاجتماعي، وتضرب المشاعر الاجتماعية بشكل مباشر، مما يخلق حالة من الصراع والنفور السلبي، جراء سيطرة الأطماع الشخصية، على المفاهيم الاجتماعية السائدة.
مراعاة المشاعر الاجتماعية ليست مدعاة للتنازل عن المبادئ، أو التخلي عن القيم الأخلاقية، في الإقدام على هذه التنازلات يدمر البيئة الاجتماعية، ويقضي على الثوابت الثقافية المتجذرة، في الواقع الاجتماعي، بيد أن مراعاة المشاعر الاجتماعية تتمثل في التمسك بالقيم الأخلاقية، وعدم الجنوح إلى الأعمال الشاذة، في سبيل تحقيق مكاسب آنية، أو الحصول على مكافآت وقتية، مقابل الانخراط في أعمال تسهم في تخريب البيئة الاجتماعية.