آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

حتى تختال البلدة بشرايينها

أثير السادة *

وأنت تعبر من طريق زين العابدين ببلدة الجش، قادما من الخط السريع، تشعر الآن باتساع في شرايينك وشرايين هذا الشارع الذي مازال يخضع لعملية توسعة حتى يستوعب النمو السكاني الذي تشهده المنطقة والحركة المستمرة في حدود البلدة التي تمثل بأجهزتها ومؤسساتها الرسمية مركزا إداريا لمحافظة القطيف، بعد افتتاح أجزاء من الطريق الذي من المنتظر أن يهب القادمين من أطراف القطيف خيارا جديدا للوصول إلى طريق الجبيل الظهران السريع.

المنطقة برمتها تخضع لعملية جراحية كبرى من أجل استيعاب إيقاع السيارات المتصاعد بتصاعد عدد السكان وعدد المرتادين للطرقات، عملية ماتت فيها صور راسخة للمكان لتحل مكانها صور أخرى من التحديث، والتطوير الحضري، على أمل أن يطال هذا التطوير كافة الخدمات الأساسية والبنية التحتية، وأن يأخذ في الحسبان صورة المكان وهويته، عبر إعادة النظر في تصميم مداخل البلدة، والتفكير في إنشاء بوابات أو مجسمات جمالية تذكرنا بالرواق الأخضر لهذه البلدة.

اليوم أول من يستقبلك وأنت تقصد الطريق الشرياني ببلدة الجش من الطريق السريع هي المحلات المختصة ببيع المواد المسببة لانسداد الشرايين، بلوحاتها الكبيرة، وأنوارها المشعة، وكأننا مقبلون على مدينة النكهات القاتلة، لن تجد شيئا يذكرك بأنك على مقربة من بلدة كانت ومازالت تنادم البساتين، وتزرع الرطب واللوز والتين، ليس سوى محلات تتنافس في تعطير الرئتين بالنيكوتين.

نأمل أن تفكر البلدية بنحو شامل، وأن لا يصبح الأمر مجرد انشغال بانسياب الحركة المرورية، أن يجري التركيز على الإطار الطبيعي للمكان، من خلال زيادة الاخضرار وتكثيف عمليات التشجير، فإذا كان نقل محلات النيكوتين إلى مواقع بعيدة متعذرا، فعلى أقل تقدير أن توضع أمامها الأشجار لتتراقص حولها كلما مالت الريح، عوضا من أن تتراقص تلك المحلات على أوتار صحتنا، وتجعل من صورة البلدة شيئا يشبه أخياش الفحم التي توقد بها مجامر التعسيل.