العقل الاجتماعي
التلاعب بالعقل الاجتماعي مرتبط بوجود أجندات خاصة، لدى الأطراف المستفيدة، حيث تعمد لاستخدام المفردات ذات المفعول العاطفي، لاكتساب الشرعية على ممارساتها المرفوضة، لدى العقل الجمعي، فهي تتحرك للاستفادة من المخزون العاطفي في البيئة الاجتماعية، لخلق تشويش في الرؤية، وإحداث حالة من الاضطراب الفكري، الأمر الذي يؤسس لحالة من الوفاق وعدم التصادم، داخل الكيان الاجتماعي، نظرا لغياب البوصلة القادرة على تحديد الاتجاهات الصائبة بدقة متناهية.
تخريب العقل الاجتماعي يبدأ باستقطاب شخصيات مؤثرة، للحصول على النتائج السريعة لدى القواعد الشعبية، لا سيما وأن القاعدة الاجتماعية لدى الشخصيات المؤثرة واسعة، مما يسهم في تسجيل المزيد من النقاط على الصعيد الفكري، فالسيطرة على العقل الاجتماعي ليست سهلة، ولكنها غير مستحيلة على الإطلاق، نظرا لتفاوت الوعي والتفكير لدى مختلف الشرائح الاجتماعي، مما يستدعي التركيز على الشرائح البسيطة، والعمل على بث المفردات الكارثية في التفكير الاجتماعي، مما يعطي نتائج سريعة في الغالب، بينما التعاطي مع الفئات الواعية يستنزف الكثير من الوقت من جانب، والحصول على نتائج محدودة من جانب آخر.
استغلال العاطفة بطريقة احترافية، يعطي الكثير من النتائج على الصعيد الاجتماعي، فالأطراف الساعية للتلاعب بالعقل الاجتماعي، تسعى للاستفادة من الجانب الضعيف، لدى الكثير من الفئات الاجتماعية، لإحداث اختراقات حقيقية على الأرض، حيث تمثل العاطفة أحد الأبواب الواسعة، للدخول في التفكير الاجتماعي، من خلال إثارة بعض القضايا الأكثر حساسية لدى الغالبية العظمى، الأمر الذي يحدث تموجات متفاوتة في البيئة الاجتماعية، مما يمهد الطريق لإحداث شرخ في جدار العقل الاجتماعي، من خلال وضع القضايا العاطفية في المقدمة، لتحريك تلك الجوانب لدى الفئات الاجتماعية، وبالتالي قطف الثمار بطريقة سهلة وغير معقدة.
البحث عن نقاط الضعف في العقل الاجتماعي، عنصر أساسي في التحرك بطريقة مؤثرة ومدروسة، خصوصا وأن العشوائية والفوضوية ليست قادرة على إحراز نتائج حقيقية على الأرض، الأمر الذي يدفع الفئات الساعية للسيطرة على العقل الاجتماعي، إجراء مسح دقيق وشامل لآلية التفكير، والملفات الأكثر تأثيرا على الصعيد الخارجي، لاسيما وأن هناك الكثير من المؤثرات القادرة على التحكم بالعديد من الفئات الاجتماعية، مما يدفع للتركيز على تلك العناصر، وإثارة العواطف بطريقة ذكية، من أجل الحصول على التأييد، وتحقيق المزيد من المكاسب الآنية والاستراتيجية، على المدى البعيد، خصوصا وأن الفئات الداعمة للتلاعب في العقل الاجتماعي ليست في عجلة من أمرها، فهي تعمل على استراتيجية بعيد الأجل، فالنتائج السريعة مطلوبة، ولكنها ليست ملحة في جميع الأوقات، انطلاقا من القناعة التامة ”أن الطبخة على نار هادئة“ تكون أكثر فائدة من الطبخة السريعة.
الحفاظ على العقل الاجتماعي، مرتبط بالقدرة على الفصل بين التحركات الهادفة، لتكريس الواقع الإيجابي في التفكير السائد، والممارسات الساعية لإظهار الجوانب السلبية، فالتفريق عملية أساسية قبل الانخراط في ممارسات خارجية، بمختلف المجالات الحياتية، حيث تكشف مستوى التفكير الواعي لدى البيئة الاجتماعية، بينما الانجرار وراء القضايا العاطفية، يعطي إشارات سلبية تجاه بعض الأطراف الاجتماعية، الأمر الذي ينعكس بصورة مباشرة على الرؤية الشاملة، لطريقة التعاطي مع الملفات، والقدرة على الدفاع عن الثوابت الاجتماعية، والعمل على وضع خطوط قادرة على صد الهجمات، الساعية للتلاعب بالعقل الاجتماعي.
العقل الاجتماعي يمثل المحرك الأساسي، لمختلف الممارسات الحياتية، للعديد من الفئات الاجتماعية، الأمر الذي يفسر المحاولات المتكررة للسيطرة على التفكير السائد، من أجل توجيه العقل الاجتماعي باتجاهات محددة من جانب، والعمل على حجب الرؤية عن مشاهد المشهد العام، لمختلف الملفات القائمة من جانب آخر، وبالتالي فإن الوقوف أمام كافة الأعمال الساعية للتلاعب بالعقل الاجتماعي، عنصر أساسي في الاستقرار الفكري، والثبات الكامل في معالجة كافة القضايا الأساسية في المجتمع.