لماذا نحن بحاجة للتفكير الناقد؟
تلعب الفلسفة دورًا حاسمًا في تشكيل وتطوير التفكير الناقد لدى الفرد لما يمتلكه هذا التفكير على تقويم وتحليل الأفكار والمعتقدات على نحو منطقي ومنصف، وهو أمر ضروري في مجالات الحياة المختلفة، سواء في العمل، الدراسة أو المجتمع.
وتوفر دراسة الفلسفة الأدوات والمفاهيم اللازمة لتنمية التفكير الناقد للفرد من خلال دراسة المفاهيم الفلسفية، حيث يتعرف الفرد بأساليبه وكيفية الاعتماد على الأدلة والمنطق في تقويم الأفكار.
يتعلم الفرد كيفية تمييز الأفكار الجيدة من السيئة والتحليل المنطقي للحجج والأفكار والقيم والمعتقدات بناء على أسس منطقية واضحة.
يعتبر التفكير الناقد أداة أساسية في ممارسة الاستقصاء الفلسفي والتأمل في مفاهيم مثل الوجود والمعرفة والأخلاق والعقل والجمال، ويساعد الفرد على تنمية قدراته العقلية والمهارات اللازمة لفهم العالم من حوله والتفاعل معه بطريقة منطقية وموضوعية، ويعزز من قدرة الفرد على تطوير معرفته وتشكيل آرائه الخاصة، بدلاً من الاعتماد على الآراء الجاهزة.
هذا التفكير المستقل يمنح الفرد القدرة على ابتكار أفكار جديدة وحلول إبداعية للمشكلات، وأن يتدبر الأفكار، ويحللها بطريقة نقدية بدلا من أن يتلقاها على أنها حقائق مطلقة.
يمكن للفرد الذي يمارس التفكير الناقد أن يكون عاملاً مؤثراً في المجتمع، ويمتلك قدرة أكبر على تحليل القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ووضع حلول عملية ومستدامة. كما يمكن له أن يكون مثالا يحتذى به للآخرين من خلال تشجيع حوارات هادفة وموضوعية وتعزيز هذه الثقافة في المجتمع.
يلعب التفكير الناقد دورًا حيويًا في تعزيز مهارات الاتصال الفعّال للفرد، حيث يتعلم الفرد كيف يستمع بتمعن، ويتفاعل مع الآخرين بطريقة موضوعية وبنّاءة، ويمكن لهذا التواصل الفعّال أن يعزز التفاهم المتبادل والتعاون بين الأفراد، ويشيع المرونة في التعامل مع وجهات النظر المختلفة واحترام التنوع الفكري.
وإذا كان التفكير الناقد يعد أساساً للتطور والتقدم في المجتمعات الحديثة، فإن عكس ذلك يعد عائقاً أمام هذا التطور والتقدم. فعندما يفتقر الفرد إلى القدرة على هذا التفكير، يصبح عرضة للخطأ والتضليل والتلاعب، ويصبح عاجزاً عن اتخاذ القرارات الصائبة وتحديد الأولويات الحقيقية.
وعلى المستوى الاجتماعي، يتسبب تحييد أو تهميش الأفراد ممن يمتلكون مهارة هذا التفكير في تفاقم المشكلات في المجتمع، وبالتالي عدم تحقيق الأهداف المشتركة.
ولذلك، يجب تعزيز هذه الصفة في الأفراد من خلال التعليم والتدريب والتحفيز،
حيث ستساعد مهارات التفكير النقدي على صقل شخصية الفرد وجعله أكثر انفتاحا لوجهات النظر المختلفة وأكثر تسامحًا وفهمًا للآخرين.
وحسنا فعلت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية بإدراج مادة التفكير الناقد لطلاب المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية مما لهذه المادة من أهمية في تأسيس وتطوير المهارات الفكرية والفلسفية التي تساعد الطلاب على النمو والتفكير النقدي واتخاذ القرارات الصائبة في مختلف جوانب حياتهم، مما سينعكس مستقبلا على طريقة تفكير هذا الجيل والأجيال اللاحقة اللذين سيُكملون إن شاء الله استمرارية النهضة الوطنية الواعدة بكافة جوانبها التنموية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.