مستشار أسري: «الذكاء العاطفي» أهم سبل السعادة الزوجية
أكد الأخصائي النفسي والمستشار الأسري ناصر الراشد، أهمية ”الذكاء العاطفي“ لنجاح العلاقة الزوجية.
وبين في محاضرته بعنوان ”البقاء في مشاعر المودة“ بجمعية البر بسنابس، أن الرضا الزوجي عبر الذكاء العاطفي، يتحقق في ثلاث عوامل ”ضبط النفس، والوعي بها، وإقامة علاقات اجتماعية“، وهو الأهم في الرضا الزواجي.
وأشار إلى تزايد اهتمام الباحثين بالسمات النفسية، والاجتماعية، والمعرفية، لأثرها في فرص نجاح العلاقة الزوجية، ومنه قول دانيال جولمان: ”لقد غالينا كثيرًا في التأكيد على قيمة وأهمية العقلانية البحتة، التي يقيسها الذكاء الموضوعي في حياة الإنسان، وسواء كان هذا المقياس إلى الأفضل أو الأسوأ، فلن يحقق الذكاء شيئًا لو كبح جماح العواطف“.
وتطرق إلى ثلاث عناصر في الاستقرار الزواجي، منها الخبرات العاطفية وتتمثل في المودة، والرحمة، والمعاشرة بالمعروف، مبينًا ما تتضمنه ”المودة“ من ”إظهار الحب“ ومستويات مختلفة ومتنوعة منه، واللياقة العاطفية في ضبط إيقاع المشاعر، والتقبل العاطفي، ومستوى تبادل الخبرات العاطفية والانفعالية بينهما وقوتها وعمقها، وتنطيق المشاعر وتغليب السلوك الأكثر استثارة للسعادة الزوجية.
وتطرق إلى ما تتضمنه ”الرحمة“ من ”القدرة على التعاطف، والنضج النفسي، والانفتاح على الخبرة“، فتلطف المشاعر وتحول الاندفاعات السلبية إلى مجموعة دفاعات نفسية إيجابية.
وأشار إلى أهميتها في تقديم خدمات بلا عوض، كالإحسان، والإيثار والتسامح، وإيجاد مساحة للأخطاء البشرية الطبيعية، لافتًا إلى خصوصية العلاقة الزوجية التي لم تنفذ معها نظرية ”التبادل الاجتماعي“ في تبادل المنافع والحقوق والواجبات فقط، بل تقوم على الفضل والإحسان.
وبين أهمية ”اللطف“، إلى جانب الاستقرار الزواجي بحسب البحوث، في شعور الشريك بأنه محل رعاية، وتفهم، وحب حقيقي، وذلك من أهم مؤشرات الرضا والاستقرار في الزواج.
ودعا إلى التوسع في السلوك الإيجابي عبر ”العادات اللطيفة“ في تحمل الشخص مسؤولية سلوكه، والاتصاف بروح التعاون، وتقديم الزوجين أفضل ما لديهما لدعم العلاقة، والتشجيع المتبادل.
وأشار إلى دور الالتزام في ”المعاشرة بالمعروف“ بتحمل مسؤولية السلوك ومشاعر في العلاقة، وإسعاد الآخر ورضاه، موضحًا أنه رد فعل إرادي في القدرة والاستعداد للاستجابة لاحتياجات الشريك، سواء عبر عنها أم لا.
وبين أن هناك حاجات مؤجلة لا يمكن إشباعها إلا في العلاقة الزوجية، تتطلب الخروج من دائرة التركيز على الاحتياجات الشخصية، إلى احتياجات الشريك، والذي يصنع الفرق في الرضا عن العلاقة التفكير بما يجب أن يقدمه للآخر، وليس فقط ما يقدمه الاخر له.
وتطرق إلى التكوين النفسي قبل الزواج بين السواء واللاسواء، وأن الزواج مرحلة نمائية، ويتطلب الإرادة في الوعي الذاتي بالنفس، والآخر، وإدارة الحالة العاطفية، وقياس مدى أثرها على الآخر.
وأشار إلى أهمية الأفكار في إدارة الحالة العاطفية، بقوله ”بعقلك تخلق السعادة أو عدم الرضا“ فلا بدّ من إدراك الأفكار الدافعة، واختيارها عن قصد، باعتبارها الأساس للتواصل العاطفي، ولفهم سبب الظهور في الزواج بالطريقة التي نظهر بها، موضحًا أن تغيير السلوك لوحده لاينجم عنه سوى الراحة المؤقتة.
وأوضح الفرق بين عقلية ”الثبات، والنمو“، بقوله ”إذا كنت تعتقد أن طبيعتك وقدراتك“ ثابتة ”فأنت سجين معتقداتك الخاصة، بينما إذا كنت تثق بأنه“ يمكنك التعلم من تجاربك ”فإن العقبات تجعلك أقوى، بدلاً من أن تعيقك“.
وأضاف: ابدأ بتحديد معتقد عن نفسك، ما الذي تقول إنك لا تستطيع فعله، ومن ثم العمل على تغييره، فعقلية النمو تقول إنك جيد يمكنك أن تكون أفضل الآن اذهب إليها.
وتابع: ضمن إدارة الحالة العقلية، أهمية القدرة على خلق نمط وأسلوب حياة مثمر، والاستمتاع بالمتع الصغيرة، واستغلال الأوقات، والاختيار المرن، الاستمرار في التطور والنمو، والتعرف على مركز الضبط الذاتي لدينا هل هو داخلي يتحمل فيه الفرد مسؤولية أخطائه وتقصيره، أم خارجي يُحمّل فيه الآخر المسؤولية.
وبيّن أن حالة العقل تؤثر في السعادة الزوجية، ويختلف إذا كان اعتقاد الشخص أن الأمور ستكون أفضل عندما يتغير الآخر، أو يتغير هو ”وماذا عني كطرف في العلاقة“؟!.
وأضاف: نحصل على ما نبحث عنه، ونرى ما أعددنا عقولنا لرؤيته، شخص بارع في رؤية الأشياء الصغيرة والجميلة في الآخر، ويساعده في الحصول على ما يريد تلبية احتياجاته.
ودعا إلى تجنب أمور في العلاقة، ومنها النقد، واللوم، والحكم، والدفاعية، وأهمية النظر في ”نمط الفكير“، موضحًا أن المواقف ليست المتسبب أحيانًا في الشعور بالضغط، بل في كيفية قضاء اليوم والاستجابة للمحفزات البيئية المختلفة ”تحويل - إسقاط“، كما أن ”نمط الحياة“ قد يتسبب في سرعة الانفعال.
ودعا إلى الاهتمام بإدارة الانطباعات في اختيار المشاعر، وايجاد ما يجعل حياتهما أكثر حيوية، والاهتمام بكل ما يحدث بينهما، والتفاصيل اليومية البسيطة التي تصنع الفرق والسعادة الزوجية.
وقال: كلما استطاع الأزواج الحفاظ على ”اليقظة الذهنية“ تزداد فرصهم في حياة متوافقة، ويكونوا لبعضهم الشريك الذي لطالما أرادوه.
وأشار إلى ما تتضمنه في الخروج من الذات والتفكير بالآخر، والانتباه للإشارات التي تصدر منه، وتأثير سلوكنا عليه سلباً أو إيجاباً، والتخلص من الأنانية، وعدم جعل السعادة الشخصية الهدف الرئيس، القدرة على تأجيل الإشباع، درجة اليقظة وتنمية الإحساس بالاتجاه.
ودعا في اليقظة العقلية إلى الانتباه أكثر للحظة الحالية، لأفكارنا ومشاعرنا وسلوكياتنا وأثره في الرفاهية النفسية، والاستمرار في الرغبة بإثارة الإعجاب، والمحافظة على مستوى مناسب من المشاعر التي بدأنا بها العلاقة، وإضافة سلوكيات تثري العلاقة، وعادات تبعث على السرور، القدرة على التعبير عن المشاعر، والمحادثة الشيقة، والتعاون، والشراكة.
وتطرق إلى ما يسهم في ”استمرار السلوك الإيجابي“ عبر تطوير التواصل والأساليب السلوكية التي تخفض الاستثارة، والتركيز على الشريك، وعدم إهمال اللحظات الصغيرة من الإتصال العاطفي، والتشاغل عنه بأمور أخرى كالجهاز اللوحي، أو التلفاز، أو كتاب، أو الغمغمة في التعبير عن المشاعر، لافتاً إلى أن الإهمال يخلق مسافة بين الشركاء ويثير السخط.
ودعا إلى تعلم المشاعر الإيجابية للتغلب على صعوبات الزواج، ومنها اللطف والهدوء والمرح والطرف، مشيرًا إلى ما يسهم في ”استمرارية الحب“ عبر إظهاره بعد تحديد مفهومه عند الطرفين، والحرص على تراكم الأحداث الإيجابية، وأهمية مفهوم الذات الإيجابي في تبادل الإثابات والسلوك الإيجابي بينهما.
وحذر من ”سلوك التعود والتكيف“ في الحياة الزوجية وكأن الزوجين قد استنفذا كل طاقتهما العاطفية في الأيام الأولى، وأثر ذلك في الشعور بالملل، وفقد العائد الحيوي، وضرورة مواجهته بالتخطيط، والتنويع، والمفاجاة، وفتح فرص جديدة وسلوكيات مرحة ومفاجئة، منوهاً إلى ازدياد التأثير العاطفي للهدايا والسلوكيات الغير متوقعة.
وأكد الاستشاري الراشد أن العلاقة الزوجية من أحداث الحياة الكبرى، وهي الأكثر عمقًا وحميمية وتميز، ويتوقع أن يعطي الإنسان فيها أفضل ما لديه، مشيراً إلى كونها أسهل مع شريك لديه الرغبة في إنجاحها، وهدف واضح لدى كليهما، والاهتمام بمتطلبات الاستقرار في التنازلات المتكافئة والتعاون والالتزام بالعلاقة.
وأشار إلى أن السعادة الزوجية ليست مصادفة وإنما ثمرة سلوك قصدي من الطرفين لإسعاد الآخر، والاهتمام به أكثر من الاهتمام بالنفس.





















