آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

قومٌ يقتلون أطفالهم!

ليلى الزاهر *

بعد أن أصدرت المحكمةُ عليها بعقوبة السجن لمدة خمسة عشر عامًا اعترض الشارع العراقيّ على هذا الحكم لأنه لايتناسب مع حجم الجريمة التي قامت بها زوجة الأب بابن زوجها الطفل «موسى».

شتان بين امرأة تتزوج برجل أرمل ولديه أطفال فتربيهم تربية تراعي فيها اليتم وفقْد الأم وتصبح أمًا ثانية فيكبرون بأحضانها وهم ينادونها «أمي»

وبين هذه المرأة الفتّاكة ذات الجريمة البشعة، التي أدارتْ جريمتها ببشاعة، ولم تبصر وجه الله تعالى ولم تسمع صوت استغاثة اليتيم الذي بين يديها.

موسى طفل في السابعة من عمره ما أن ترى صورتَه حتى تشهدَ له ببراءة الطفولة وجمال الطلّة البهيّة.

شاءت الأقدار له أن يكون فريسة لزوجة والده بعد وفاة أمه فقد تفجّرت مشاعرها غضبًا وحنقًا على هذا الطفل البريء فأودعت في جسده جميع قساوتها بين ضربة سكين، أو حرق بالفرن إلى أن قضى نحبه بين يديها ونسيت أن عينًا ترقبها، وشهودًا تكتب قبل شهود المحكمة.

لقد وجدت المحكمة أن جريمة المتهمة تنطبق وأحكام المادة «410» من قانون العقوبات والتي تعالج حالات «الضرب المُفْضِي إلى الموت» فأصدرت حكمها وعدّتُه قرارًا ليس نهائيًا وإنما سيخضع لتدقيق محكمة التمييز كما ذُكر في توضيحها القضائي مما أثار حفيظة الكثير من الناس الذين طالبوا بإعدامها، وخاصة عندما سمعوا أنّها رأته يلفظ أنفاسه الأخيرة جرّاء ضربها المبرح، ولم تسعفه بل باشرت بإكمال أعمالها المنزليّة وتركته قرابة العشر ساعات.

ما أقصر العمر وإن طال!

فكيف يُقضى بتلويث الأيدي بالدماء، ونزف جروحٍ قلّما توقفت ولو بعد حين.

ربما لانفرق بين نار أضرمت في قصر وأخرى دلعت ألسنتها في كوخ لأنها في حقيقتها نار مُستعرة، ولكنّ قلوبنا تدمي الطفولة البريئة التي لاحول لها ولاقوة غير أن قوة التعنيف والجريمة طالتها بالأذى فنسمع ونتألم ونطالب بإنزال أفدح عقوبة لروح شريرة تآمرت وظلمت وفتكت بهذه المخلوقات الغضّة.

وإذا كان رسول الله ﷺ قد أمر بالإحسان للذبيحة إبّان ذبحها فكيف بالإنسان الذي كرّمه الله تعالى وأعلى شأنه إذ يقول ﷺ -: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»

وكيف لانتخذه قدوة لنا في التربية الرحيمة وحنو القلب بأبنائنا وهو يفزع لطائر صغير، يأخذ حقّه ممن ظلمه فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال:

«كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ فانطلق لحاجته، فرأينا حمَّرةً معها فرخان، فأخذْنا فرخَيها، فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفرشُ، فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: من فجع هذه بولدِها؟، رُدُّوا ولدَها إليها»

إن القسوّة سلوك بربريّ وأهلها برابرة وأمّا عذر من ورث العصبيّة من ذويه فليقف أمام الله تعالى خصيما له.

إن كنتَ عصبيّا فهذّب خُلقك وإذا كان الغضب صديقًا لك في تربية أبنائك فاستبدله بالرفق واللين، ووضْع الأمور في موازينها الصحيحة، فالتربية الرحيمة هي أول حاجة للإنسان بعد لقمة العيش كما ذكر ذلك المربون.