الشاعر الكويتي «محمد صرخوه» يبهر حضور «صهيل الكلام الأدبي»
حل الشاعر الكويتي ”محمد صرخوه“، ضيفًا على صالون صهيل الكلام الأدبي بالقطيف، في جلسته 82، ناثرًا تجربته الشعرية بمشاركة ضيوف وأعضاء الصالون.
واستعرض الشاعر صرخوه في تجربته، بانوراما البدايات، التشكيل والنشأة الأولى لتكوين هاجس الجمال المعرفي مرتبطًا ببعد الزمان والمكان، حيث جدبات الروح تبدأ من نقطة وتعود لنفسها زمكانيا.
وامتد الحوار لأكثر من ساعتين ونصف، من خلال حديث مختلف لفتح أوراق السيرة الشعرية، واختلفت عن مثيلاتها من السير الشخصية، وتطرق الضيف لموضوعات غاية في الأهمية، حيث انطلق من الأسرة والمجتمع والشارع الكويتي إلى أن وصل لذاته محاولا اكتشاف عالمها من خلال ورشة السهروردي والدرس الفلسفي الجاد.
وأخذ الحوار والمداخلات بعد ذلك من قِبل الحضور يشتد في البوح عن الأسئلة والإضافات الجميلة حول الثقافة الكويتية سابقًا وحديثًا، حيث عاش البعض تجربته الشخصية هناك، وكان الشاعر محمد صرخوه يجيب بكل أريحية وذكاء ويفتح لكل تساؤل أفقا واسعا.
وقال الشاعر فرات الشعبان لصحيفة ”جهات الإخبارية“: كانت الفلسفة حاضرة في حديث صرخوه، ولا غرابة في ذلك، فهو عضو في ورشة السهروردي الفلسفية ومؤسس مركز المشرق الفلسفي، يطرح ويحلل بطريقة مستفزة للفكرة.
وأكمل: أعجبني ربطه لمسيرته الأدبية بتعرّفهِ على أبعادٍ ثلاثة، كانت المكان والزمان والصوت، في حال معظم الأدباء يربطون مسيرتهم ويمرحلونها بمراحل وقتية مؤرخة.
وأشار الشعبان إلى أن الضيف تحدث عن الفروقات بين الأوساط الأدبية الثقافية الكويتية ونظيرها في الخليج، لا سيما المنطقة الشرقية من المملكة.
من جهته، وصف الشاعر حبيب المعاتيق الأمسية بقوله: كانت أمسية مختلفة من حيث الضيف وتجربته التي استعرض فيها جوانب ثرية من تشكل مزاجه الشعري ونظرته الخاصة للممارسة الشعرية، سعدنا بروح الحبيب أبي علي وشعره الفاتن والمختلف.
وتحدث الشاعر حسين دهيم عن الأمسية: ربما من حسن حظنا أن نحظى - كحضور - أن تكون لنا فرصة لقاء الشاعر محمد صرخوه والتعالق مع نصه ورؤيته حول الشعر والحياة، وعلى المستوى الشخصي وجدته اكتشافًا مدهشًا بحكم أني ألتقيه للمرة الأولى على مستوى الكتابة وعلى المستوى الشخصي أيضًا.
وأضاف: أخذنا محمد معه في رحلة لعوالمه الشعرية التي اتسمت بالشعرية الطاغية حيناً وتمرير معتقداته حول علاقته بالوجود حيناً آخر ولا بأس في ذلك، فشاعر كصرخوه، قضى وطراً يقرأ الدرس الفلسفي والصوفي ويستقرئ الحالة الشعرية في كل ما يحيط بدرسه، أضفى ذلك على نص الشاعر هذه الهالة التي تراوح بين الشعرية والفكرية.
وقال دهيم: الشاعر مأخوذ بالرمز والإشارة في النص كأنه يجمع الشعاع في بؤرة ويظل يحيط بكل عوالمها، وبالطبع ما قرأ من شعر لا يمكن أن يكون رأياً لدى المتلقي، لكنه يظل مثالياً على علو كعب الشاعر في اجتراح نص متجاوز ومختلف.
وعلق القاص حسين السنونة عن أمسية صرخوه، بقوله: تعودنا في ليالي صهيل الشعر أن تكون مختلفة ومتعددة ومثيرة، خاصة وأن الشاعر علي مكي الشيخ يعشق التنوع والمختلف والجديد، ويحرص على اختيار الضيوف بشكل ملفت ومثير، ولقد نجح في الانتقال بالصهيل الشعري من المحلي إلى العربي، وها هو في الجلسات التي تعدت الثمانين يستضيف شاعر من النوع الثقيل في نصوصه المختلف في أفكاره الممتلك لمشروع شعري كبير، الشاعر الكويتي محمد صرخوه.
وأضاف: أن تحضر في مملكة صهيل الشعر لا يكفي أن تكون شاعرًا، بل عليك أن تكون شاعرًا ومتحدثا ومستعدًا للحوار والنقاش، وهكذا كان الشاعر الكويتي محمد صرخوه شاعراً كبيراً ونوعياً، متحدثاً لبق كصياد يعرف كيف يلقي بشباكه، حضر منتصر وخرج منتصر، وأيضا الحضور حضر منتصر وخرج منتصر.
وأكمل: أن تكون بين مجموعة من الحضور المتنوع في التوجه الثقافي بين شاعر وروائي وباحث وقاص وأديب، ومن كافة الأجيال، فأنت لا بد أن تكون على دراية ووعي، وهو ما كان عليه الشاعر الكويتي المختلف والمتميز والمثقف والإنسان محمد صرخوه.
وتابع: من الواضح أن الشاعر صرخوه تعلم وبشكل جيد وعميق كيف يفكر وكيف يعيش، هو يعيش خارج الحدود المادية يتنقل بين كل الشوارع والمحلات التجارية، لا تستغرب لو حدثك أنه يتحدث أحيانا مع أفلاطون أو ديكارت أو حتى أرسطو، يعرف متى وأين يكتب القصيدة لربما يغيب عن ناظرك أيام أسابيع، حتى ينجز نص شعري واحد، يعشق أن يكون مختلفا وغير تقليدي فيما يكتب من شعر.
وأضاف: لربما يختلف عن الكثير من الشعراء في أنه يمتلك مشروعاً شعرياً كبيراً هو يخطو نحو إنجازه بخطوات مدروسة، ويؤمن بوجهات النظر واختلاف الآراء، يتحدث باحترام عن الشعراء الآخرين حتى وإن كانوا يختلفون معه أو شعراء ما زلوا في بداية الطريق الثقافي والشعري.
وأكمل: كانت الجلسة مع الشاعر محمد صرخوه لذيذة ككرز طري للتو قطع من الشجرة، وحديثه فيها رائحة تجبرك على الجلوس والاستماع مثل رائحة فاكهة المانجا، هو فنان في أن يأخذك من نقطة إلى أخرى وكأنه بحار يجيد التعامل مع الأمواج فلا تخيفه الموجة الكبيرة الثقيلة ولا تفرحه الموجة الصغيرة الخفيفة، ينتقل من الفلسفة إلى الروحانيات بكل ويعود بك في أقل من دقيقة إلى محور الحديث الشعر.
واستطرد: لربما تتفاجأ من الكثير من آرائه وأفكاره، ولكنك تبقى معه على مسافة النص الذي لم يكتب لك كتب لغيرك، لديه آراء وأفكار لربما تخدعك تصدمك تبهرك هو هكذا صريخ قوي يبتسم يضحك يسترسل في حديثه، لا يرفك الخداع فهو صريح، لا يعرف الغدر، فليست من صفات الشعراء الكبار الصادقين مع أنفسهم وكلماتهم وشعرهم، بل هي صفة إنسانية دينية أخذه من أولئك الذين يحبهم يعشقهم، بل قاتلوا من أجله وقدموا أهلهم وأبناءهم من أجلها وهو على دربهم يسير.
وقال: عندما تستمع إلى نصوصه الشعرية، بكل تأكيد أنت بحاجة إلى سلاح التركيز، وقوة الملاحظة، يمتلك مقدرة أن يجمع كل الأنبياء والرسل وكل أهل الروحانية، وكل الأساطير في نص واحد، يأخذك للماضي من التاريخ والأمم، ثم تجده قريباً منك في عالمك الحزين الكئيب المغلوب على أمره، ولكنه وبمفاجأة كبيرة يذكرك بتاريخك، جروحك التاريخية، الأماكن المقدسة التي تحبه، اسمك الذي تعشقه، وكأنك تصافح أمل الكون والإنسانية الذي تحبه كما يحب الله الصلاة على محمد وآل محمد.
وتابع: لكن فقط ركز ثم ركز ثم ركز إلى النهاية، فربما سيطول لقاء رموش عينيك في اللقاء والعناق، وحتما ستكون دقات قلبك متسارعة مع سرعة أفكاره والأسماء التي يذكرها في نصوصه الشعرية، لا تخاف فقط ركز وتأكد أنك ستصفق بقوة في النهاية ليس فقط لجمال الإلقاء، أو لقوة اللغة الشعرية التي يمتلكها، أو للأفكار بل لأنها أخذك إلى مكان أنت تعشقه وتحبه ولربما اشتقت إليه ولربما تنتظره كما ينتظره ملايين نعم ملايين البشر إذا لم يكن كل البشر.
واختتم السنون: وأنا أستمع إلى الشاعر محمد صرخوه الذي يجيد في الإلقاء ممسرحا لنصوصه بقوة المعرفة يصدمك بكنوز المعرفة التي يختزنها في قلبه وروحه، ولن يسكت حتى تخرج صيحته من غيابة الجب، وهو يؤكد أنه ماض في مشروع إلى أن يظهر صوت الحق والعدالة.




















