آخر تحديث: 3 / 12 / 2024م - 7:35 م

وحدي في أرجوحة معلقة على شعاع نجمة خرافية

يسرى الزاير

تأتيني الأفكار بكل الأوقات وحين يسكن الليل يضيع الوقت، وأضيع أنا بأكوام أوراقي، وركام خربشات بها ما بها من حنين وشوق، لصغيرة ابتلعها منذ زمن بعيد موج من الأحلام عاتي.

هناك بقمم الصفحات وسهولها، بين السطور وما تحمله من غموض أحداثها وشخوصها، بين الخيال والحقيقة، بين الجد والهزل، المنطق واللامنطق، الوهم والواقع... تاهت الصغيرة وضيعت في مفترق الطرق المزدحمة بضجيج الحياة أحلام الطفولة.

وكان التيه بآخر المطاف هو مفتاح البدايات وزخم الخواطر والأفكار.

التيه الطفولي في عالم القراءة الواسع هو مشروع تمرد على كل ما هو بليد وساذج، هو مضخة تحفيز للعقل تحثه دوماً على قولبت المسلمات خارج المعهود، بث روح مختلفة للأفكار، استصلاح عقلية بناءة خصبة ونفسية إنسانية مسالمة ومنتجة، مقاومة للعبثيات، رافضة للنمطية التي يفرضها المجتمع تحت مسمى أعراف وعادات، إذ القراءة تذكرة سفر مفتوحة مدى الحياة.

القراءة في الصغر يعني خصوبة الأفكار، وتلك نتيجة لثقافة متراكمة، جاءت من خلال المطالعة والتعمق بطروحات أشخاص لا نعرفهم سوى عبر كلماتهم، قصصهم، أشعارهم، فلسفتهم... التي قد تكون تشبههم وقد تكون نقيضة لهم.

القراءة الحرة ومنذ الصغر هي استثمار فكري واستقرار نفسي طويل الأمد، تعطي الثقة بالنفس، التي هي صمام الأمان لشخصية متزنة ونفسية مرتاحة في مجتمع فيه بعض الداؤبون على شكل أو أكثر من أشكال التنمر.

القراءة المجردة من الأحكام المسبقة هي نافذة الثقافة والعين الناقدة.. مهم أن نقرأ كل شيء والأهم أن نتوقف عندما نقرأ لنعطي فكرنا مساحة من الاستيعاب والنقد.

هكذا كنت أنا.....

وحدي برفقة الكتب، اسبح في فضاء شاسع من الخيال.

وهكذا أصبحت....

وحدي برفقة الأفكار، مع خيال يصنع من السراب بحيرات، ومن الرماد ثرثرة على ضفاف الحياة.

وهكذا وجدت نفسي أعبث بالمداد لأرسل لعشاق الكلم من كهوف أنثى الصمت الطويل ثرثرة مجنونة، بطياتها معنى وأكثر لا معنى، المهم إنها حمم لفظها بركان بات طويلاً في أعماق النفس خامد.