آخر تحديث: 12 / 12 / 2024م - 4:00 م

شارل مالك..صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

أمير بوخمسين مجلة اليمامة

الكثير من الشخصيات العربية والإسلامية كان لها تأثير كبير على مجتمعاتها وعلى المجتمعات الأخرى، سواء في المجال السياسي أو العلمي أو الحقوقي والفكري، إلا أنها لم تأخذ مكانتها الحقيقية، وتم نسيانها وتجاهلها. شارل مالك من ضمن هؤلاء الذين لم يتم ذكرهم أو الإشارة لهم، وهو أحد رواد من صاغ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. هو العربي الوحيد من لبنان، الذي شارك في صياغة وإعداد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ديسمبر 1948 بصفته رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة.. شغل منصب وزير الخارجية بين نوفمبر 1956 وسبتمبر 1958. كما شغل منصب وزير التربية والفنون الجميلة من نوفمبر 1956 حتى أغسطس 1957 في حكومة سامي الصلح في عهد الرئيس كميل شمعون. ترأس الجمعية العامة للأمم المتحدة بين عامي 1958 و1959. ساهم في بدايات الحرب الأهلية اللبنانية في تأسيس الجبهة اللبنانية وكان من أبرز منظريها مع الدكتور فؤاد أفرام البستاني، وقد كان الوحيد بين أقطابها الذي لا ينتمي إلى الطائفة المارونية.

مثّل مالك لبنان في مؤتمر سان فرانسيسكو الذي تم فيه تأسيس الأمم المتحدة، وشغل منصب مقرّر للجنة حقوق الإنسان في عام 1947 وعام 1948، عندما أصبح رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في العام نفسه، كتب دباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ضمن اللجنة التي كانت برئاسة اليانور روزفلت. خلفَ السيدة روزفلت رئيساً للجنة حقوق الإنسان. وظل سفير لبنان للولايات المتحدة والأمم المتحدة حتى عام 1955. وكان من المشاركين في المناقشات الصريحة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد غياب دام ثلاث سنوات عاد في عام 1958 لرئاسة الدورة الثالثة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة.

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان..

قام الكندي جون همفري بوضع مسودة للإعلان في 400 صفحة بناء على تكليف من اللجنة الثلاثية المؤلفة من روزفلت وتشانغ ومالك. ولما كان من غير العملي أن يصدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 400 صفحة، قطعت اليانور روزفلت زوجة الرئيس الأميركي روزفلت الجدل بقرار حاسم جرى بموجبه تكليف رينييه كاسان وضع مسودة مختصرة واضحة ودقيقة، على أن يستنير برأي شارل مالك في كل فقرة من فقراتها. اعتمد كاسان على“إعلان حقوق الإنسان والمواطن“الصادر عن“الثورة الفرنسية عام“1789، وشرعة“الماغنا كارتا“ الصادرة عن نبلاء بريطانيا العظمى سنة 1215. كتب مالك منفردا دباجة الإعلان العالمي. ولذلك انطبعت الوثيقة بأفكار مالك وظهرت في متنها بصماته الدامغة فضلاً عن تفرده بوضع المقدمة. وكان واضحاً إصراره على المواد 18 التي تنص على حرية التفكير والضمير والدين، والمادة 20 التي تنص على حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية وعدم إكراه أي إنسان في الانضمام إلى جمعية ما، والمادة 26 التي تنص على حق الإنسان في التعليم. واستطاع كأسان الفرنسي بدبلوماسيته الفائقة وخبرته القانونية من التوفيق بين القائلين بحقوق الفرد والمدافعين عن حقوق الجماعة.

لم يكتفِ مالك بموقعه كمقرر في اللجنة العالمية لحقوق الإنسان. فعام 1948 ترأس اللجنة الثالثة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية أثناء دراسة الإعلان. وعند وفاة اليانور روزفلت عام 1951، اختير خلفا لها في رئاسة اللجنة. وعام 1958 ترأس الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ولد في عام 1906 - وتوفي في بيروت في 28 ديسمبر 1987م بسبب مرض السرطان.