حماية الطرق أولاً، ثم تطويرها
بشبكة من الطرق المحورية والسريعة التي تمر من خارج المدن، عالجت المملكة مبكراً مشكلة الطرق الدولية والرئيسية التي تربط المدن ببعضها، بدلاً من تلك الطرق التي كانت تخترق أوساط المدن، وتعيق الحركة المرورية داخل المدن.
حالياً تقوم بلدية محافظة القطيف بجهود كبيرة في الإشراف على أعمال توسعة بعض الطرق الشريانية بين مدن المحافظة وفك الاختناقات المرورية وربط بعضها بطريق الجبيل الظهران السريع، فلا تكاد تخلو مدينة أو بلدة في محافظة القطيف إلا وتجد مشروعاً أو أكثر لمعالجة هذه المشكلة.
إن فتح وربط بعض الشوارع الرئيسة بالطريق السريع لا يحل مشكلة الاختناق المروري التي تعاني منه المحافظة فقط، بل يؤثر إيجابا أيضا على الحالة الصحية للناس وجودة الحياة من خلال الوصول السريع لمستشفى القطيف المركزي، والحالة الاقتصادية والتنموية للمحافظة.
بالرغم من سمة البطء في تنفيذ هذه الأعمال، إلا أن هذه الجهود الجليلة هي محل تقدير وإجلال لدى الجميع، ونتطلع أن تتسم هذه المشاريع بمعايير الأنسنة والاستدامة والتميز كما تحافظ على المعايير الفنية والسلامة المرورية، وصولاً إلى التسمية المناسبة لهذه الشوارع التي تعكس هوية المحافظة والمزايا النسبية التي تتمتع بها.
أمام هذه الورشة الكبيرة لتطوير أداء الطرق والمتوزعة على عدة مناطق من المحافظة نشاهد للأسف الخلل الذي قد يفسد عسل هذه المشاريع التنموية. نشاهد اتجاهاً آخر معاكس لسياق هذه الأعمال الكبيرة، ووجود أعمال تخدش ليس فقط صميم هذه الشوارع وانسيابية الحركة فيها، بل تخدش في صميم هذا العمل الجبار وغير المسبوق الذي تقوم به البلدية، والخلل هنا هو قيام البلدية بإلغاء المنحنيات في تقاطعات شارع الرياض وتحديداً تقاطع بلدية تاروت للطريق المؤدي لكورنيش دارين، وكذلك تجاوز أحد المباني الجديدة لمسافة ثلاثة أمتار تقريباً داخل الشارع الفاصل بين بلدتي سنابس والزور، وإنشاء تقاطع يشكل خطراً مرورياً مزدوجاً - رغم وضع المطبات - على امتداد شارع تاروت العام لصالح تخطيط أرض، والسماح ببناء أرض بطريق مقبرة تاروت الحيوي جعل الشارع الضيق أصلا يضيق أكثر وأكثر - بدلاً من توسعته - في منطقة تشهد حركة وتوسعاً سكانياً، والواقع أن كل جزيرة تاروت تشهد نمواً سكانياً مرتفعاً مقارنة بباقي مدن المحافظة. أنني هنا استعرض سريعاً عينات من هذه النماذج المزعجة وغير المفهومة أشاهدها في الشوارع التي تقع داخل النطاق العمراني لجزيرة تاروت فقط، ولا علم لي عن باقي مدن المحافظة.
إن إلغاء منحنيات التقاطعات بشارع الرياض ليس هي المرة الأولى، فقد سبق ذلك قيام البلدية أيضا إلغاء منحنيات التقاطع الآخر الذي يلي تقاطع بلدية تاروت.
لقد قامت البلدية قبل عام تقريباً بعمل منحنيات لتقاطع شارع الرياض مع شارع الخليج لتسهيل حركة السير وفك الاختناقات المرورية فيه، واستغرق وقتاً طويلاً، وصرفت البلدية لأجل ذلك مبلغ عشرة ملايين ريال، حيث استبدلت الدوار بتقاطع ومنحنيات، وهذا يعني أن هناك قناعة بأهمية المنحنيات الجانبية للتقاطعات في فك الاختناقات المرورية.
إن مراعاة النمو السكاني وازدياد الحركة المرورية يقتضي عدم ترك مثل هذه الإعاقات للطرق بهذا الشكل ودون معالجة صحيحة، لتجنب مراكمة المشكلات المرورية، وتسهيلا مهمة المؤسسة العامة لتطوير جزيرة تاروت التي وافق على إنشائها قبل ثمانية أشهر سمو ولي العهد، بدلاً من خلق تحديات إضافية مزدوجة لها.
إننا نتطلع أن تتكامل وتتظافر الجهود لسد أي ثغرة هنا أو هناك، وأن تكتمل هذه المشاريع التنموية التي تشهدها المحافظة بالشكل الذي يتطلع إليه الأهالي، ونشد على أيد العاملين في البلدية.