أمير القصيم وشركات الأمن الغذائي
تأسيس شركات متخصصة للأمن الغذائي لتشكل مصدرًا مهمًا للأمن الغذائي للاستهلاك المحلي والتصدير لدول العالم. لفتة واعية من أمير القصيم كونه متابعًا دقيقًا بهذا الشأن، فمنطقة القصيم تشهد حراكًا اقتصاديًا سنويًا لموسم التمور في بريدة ومحافظات المنطقة، لتسويق إنتاج 11 مليون نخلة تمثل أكثر من 45 صنفًا من أنواع النخيل. نعم هي خطوة رائعة بل تعد مفصلية في أهمية الأمن الغذائي والأرقام التي تصدرها وزارة البيئة والمياه والزراعة، دليل حي على ما نقول. المملكة تنتج وتصدر أكثر من 300 صنف من التمور بإنتاج سنوي يتجاوز 1,54 مليون طن سنويًا، محققة المرتبة الأولى عالميًا في صادرات التمور من حيث القيمة خلال 2021 ضمن 113 دولة من مختلف دول العالم، حيث بلغت قيمة الصادرات السعودية من التمور 1,215 مليار ريال مما أسهم في جعل قطاع التمور أحد أهم القطاعات التي تسهم في زيادة الاستثمارات والصادرات الوطنية لدول العالم تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030. كما تحتضن المملكة أكثر من 33 مليون نخلة.
أما أهمية الأمن الغذائي فتأتي من خلال نسب الفقد الغذائي وهي الكميات الهائلة من التمور التي تتم خسارتها على طول سلسلة الإمدادات الغذائية أي في مراحل الإنتاج والتوزيع في المزارع والمصانع ووسائل النقل، حيث تقدر نسبة الفقد %16 قبل وصولها للمستهلك وهي موزعة من مراحل الإنتاج ومرحلة ما بعد الحصاد «المناولة والتخزين» والتجهيز والتعبئة والتوزيع، أما عند وصولها للمستهلك فنسبة الهدر هي %5,5، أي أن إجمالي نسب الفقد والهدر للتمور يصل إلى %21,5 وهي نسبة كبيرة جدا لدولة دخلت موسوعة غينيس لأكبر عدد أصناف نخيل ب 127 صنفًا.
من هنا تأتي أهمية وجود شركة حكومية للأمن الغذائي مسؤوليتها إدارة العملية، بدءا من المزارع مرورًا بعمليات الحصاد والتخزين والتعبئة وانتهاء بعملية التوزيع للمراكز التجارية، فالمزارع البسيط - ونحن نتحدث هنا كمثال عن التمور كأحد أهم المنتجات في المملكة - لدية مجموعة من النخيل تجده يزرع هكذا بشكل عشوائي وليس مُلما بثقافة بمسألة العرض والطلب، ولا يمتلك دراسة وافية وإحصائيات وأرقامًا عن السوق المحلية والعالمية. علمًا أن هذا المزارع نفسه هو من يرمي التمور ولا يبيعها، بسبب الانخفاض الكبير في أسعار البيع بالجملة، فبعض المزارعين يرى أن تكلفة رمي التمور أرخص لهم من بيعها. فوجود شركة وطنية خاصة بالأمن الغذائي وظيفتها تقنين هذه المسائل وتنظيمها بحيث لا تترك هكذا بشكل غير منظم، شركة مسؤوليتها حوكمة القطاع الزراعي؛ بحيث توجه شركات التمور في إنتاج نسب محددة منسجمة مع احتياجات السوق، ويتم توزيعها على نقاط البيع شركة تكون بمثابة الوسيط بين شركات التمور والمراكز التجارية. كل هذا من شأنه أن يساعد في ضبط سوق التمور وسيسهم في توازن الأسعار من جهة، وكذلك في انخفاض الفقد والهدر من جهة أخرى.