عندما يغني محمد عبده الكابتن ماجد
انتشرت في الآونة الأخيرة وتحديدا في مواقع التواصل الاجتماعي أغان لمجموعة فنانين وفنانات واستنساخها بأصوات جديدة، وذلك عن طريق استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، فقبل أيام انتشرت أغنية لمسلسل الرسوم المتحركة «كابتن ماجد» بصوت الفنان «محمد عبده». وفي مصر ثارت ثائرة في الوسط الفني بعد إعلان الملحن «عمرو مصطفى» عن أغنية جديدة لأم كلثوم من ألحانه وإنتاج الذكاء الاصطناعي، وذلك في منشور على صفحته الرسمية بتطبيق التواصل الاجتماعي فيسبوك. الفنان «محمد عبده» سؤل في أحد اللقاءات التلفزيونية عن هذا النوع من الفن، جاء رده أنه إذا كانت الأغنية قصيرة جدا فلا بأس أما إذا كانت أغنية كاملة فالمسألة خطرة. نعم المسألة خطرة جدا كونها تخالف حقوق الملكية الفكرية، ولا بد أن تتصدى الجهات المسؤولة لهذه الظاهرة، ويجب أن ينتبه الجميع لهذا الأمر فهي أغانٍ بصوت مطربين لم يضعوا أصواتهم عليها. هذه القضية ليس محصورة في العالم العربي فحسب، فهناك كثير من الجمعيات الأمريكية والأوروبية قدمت شكوى ضد شركات الذكاء الاصطناعي بسبب مخالفتها لحقوق النشر والملكية الفكرية، حيث رفع قبل أشهر ثلاثة فنانين دعوى جماعية في الولايات المتحدة ضد ثلاث شركات تكنولوجية، بعد أن اكتشف الفنانون أن أعمالهم الفنية قد تم استخدامها لتدريب نظاميهما للذكاء الاصطناعي.
وجمعية المحامين الأمريكية أكدت أن هذه المنتجات تشكل تهديدا وجوديا للمبدعين. وهذا ينطبق كذلك على فن التصميم، حيث إن الأدوات البرمجية الذكية تعمل على خلق حالة من إغراق مجتمع الفن والتصميم بكم لا نهائي من التصميمات الخاصة بمصممين مختلفين، من دون موافقتهم، ما يُلحق ضررًا دائماً بسوق الفن وينتهك بشكل رئيس حقوق الملكية الفكرية. في المنظمة الدولية وفي بداية التسعينيات تحديدا أقرت منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة في نصوصها بأن حقوق المؤلفين والفنانين باتت عرضة للخطر بسبب انتشار عمليات القرصنة الإلكترونية، ومع انتشار الذكاء الاصطناعي وظهور استنساخ الأصوات بشكل مهول فنحن أمام انتهاكات حقوقية واضحة.
القانون واضح وصريح في كل الأدبيات القانونية وهو أشبه بالأعراف القانونية الدولية أن حقوق الطبع والنشر تحمي عمل منشئ المحتوى الأصلي وتمنع أي أطراف أخرى من نسخ أو استخدام العمل الإبداعي من دون إذن مالك حقوق الطبع والنشر وذلك في أوساط الأدب والدراما والموسيقى والفن والهندسة المعمارية. وعليه يتوجب علينا في المملكة وبخاصة الجهات الحقوقية والقضائية ومجلس الشورى أن تتخذ تدابير لحماية الصناعات الإبداعية في شتى المجالات الفنية وأن تتخذ موقفاً ما على وجه السرعة، حرصاً منها على أن يستخدم إنتاج الفنانين والمبدعين في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وفق ترخيص قانوني معتمد في المملكة. فترك المجال مفتوحا هكذا من دون أطر قانونية سيشرع رفع دعاوى قضائية في الأيام القادمة، وتشريع القوانين الخاصة باستخدام الذكاء الاصطناعي في كل المجالات الفنية والإبداعية يعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة، للحفاظ على أخلاقيات التعامل مع جميع حقول الفن والإبداع.