آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

عن معتزلات الكتابة وأشياء أخرى

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

كم أغنية ستدق أبواب الفضاء باحثة عن مستمعين لها؟ وكم فكرة أضاءت عقل صاحبها لتنفتح على الأفق بتجلٍ وصفاء وإبداع؟ كيف نبدأ ماراثون الحب هذا؟ كل كاتب له طريقته في الكتابة ولكن العامل الرئيس في الكتابة هو القدرة على التركيز والانضباط والمثابرة، يقول ارنست همنغواي: ”الكتابة، في أفضل حالاتها، هي حياة العزلة“. 

فكل مشروع كتابي يحتاج إلى الإلهام، وأغلب الكتاب والروائيين كان لهم طقوس في الكتابة واحتلت العزلة عن البشر العنصر الأول للكثير من الكتاب العرب والكتاب الغربيين لأن الكتابة تحتاج إلى استمرارية والتقاط الأفكار، فهي تتداعى في كل وقت ولكن لا يمكن كتابتها متى حضرت، فهي رحلة اللاوعي، ورحلة الانفصال عن الذات والطيران نحو أفق اللا معقول واستحضار كل ما هو مختلف، هي رحلة احتراق وانصهار، هي الممكن واللا ممكن، هي السهل الممتنع، لذلك كانت الكتابة مهنة شاقة وصعبة ومحبطة فنتائجها تأخذ وقتاً طويلاً لترى النور، لذلك يحتاج الكاتب أو الروائي إلى عزلة ليكتب ويكتشف نفسه من خلالها، وتجربة المعتزلات الكتابية جديرة بإلقاء الضوء عليها، حيث تحتاج إلى شخصيات لديها الاستعداد للكتابة، وكتابتهم ليست موسمية، وهي فرصة لبداية رواية ما أو قصة، أو حتى كتابة نهاية ما بدأه من كتابة لو حالف الحظ الكاتب بإنهائها، فالكتابة تحدثنا عن المستقبل الذي نجهله والمستحيل الذي نكافح لتحقيقه، وبطبيعة الكاتب المسكون بهاجس الإبداع يحتاج إلى معتزل ليكتب به، وكان مشروع هيئة الأدب والنشر والترجمة في معتزلات الكتابة مختلف، حيث اختيار كُتّاب وكاتبات من الخليجيين والعرب ودمجهم مع الكتاب السعوديين في غنائية ملهمة، تحرك الخيال وتشرع له شرفة الإبداع التي لا تتقيد برتابة أو روتين، يجعلهم يتبادلون الأفكار والقراءة لبعضهم البعض، ويتواصلون من خلال النقاشات العميقة في أوقات محددة فيتبادلون الخبرات ويكتبون في معتزل بمكان يلهم الكتاب حيث تضج مملكتنا الحبيبة بالأماكن الجميلة والمهيأة لاستحضار الإلهام، واختيار مكان لإقامة الكتاب متناسب من متطلباتهم من هدوء وسكينة بعيداً عن الضوضاء، وقد تكون نتيجته رواية أو قصة أو ديوان شعر، والأكيد أن التواصل بين الكتاب العرب والخليجين والسعوديين هو الأهم حيث التبادل الثقافي والتواصل الإنساني الذي قد يولد صداقات إنسانية طويلة الأمد.