انطباعات قارئة لرواية «لون الماء»
غياب الأم تحاصرها ألوان الماء من كل اتجاه
رواية تأخذك إلى عالم التشويق والمتعة تكمن في تفاصليها الرائعة التي تتجلى بين أجمل العلاقة على وجه الأرض بين الأم وابنتها، استطاعت الكاتبة أن تخلق في أنفسنا عالماً من التشويق والمغامرة في البحث ما وراء الكلمة.
عند وصولي للصفحة 100 ازداد التشويق وانجذبت لنهايتها، ذكاء الروائية في تعقيد الأحداث وتزامن الأوقات كان قرار موفقاً حيث يقوم القارئ بترقب انتهاء التسعة شهور الحمل لننتقل إلى مرحلة أخرى.
أرى الغموض والسرد المعقد جعل الرواية رائعة تجعل القارئ يكون لديه الرغبة بالامتناع ورغبة الإكمال، وذلك انتابني هذا الشعور من خلال قراءتي، تُرْبِتْ الكاتبة على عمق المعنى، وليس الكلمة وتلعب بين المفردات، وتنتقي الاختيار بالمرادفات.
نجحت الكاتبة في اختيار عنوان الرواية والصياغة كان سردها للأحداث ووصفها الدقيق يجعل الرواية مشوقة إلى حد أنك تتمنى أن عدد الصفحات يتجاوز ال 400 صفحة.
افتخر أن الكاتبة ابنة أخي الأكبر، أدهشت باحترافية كتاباتها حيث بذكر سمات سماء السلوكية كانت مدروسة؛ لأن القارئ لا يجد ثغرة بتناقض الشخصية بأي مرحلة خلال الفصول.
ويبقى السؤال حاير كيف لعقل صغيرتنا يزدهوا بالكتابة على هذا النحو؟
نعم تغيرت نظرتي لها بعد قراءتي لأول رواية ولأول إنجاز لها، كنت أقول لنفسي هكذا إذن كنت تفكرين، من الآن وصاعداً عندما أحاورها سيكون لكل كلمة حساب.
لأننا نعلم من نخاطب، نخاطب تلك التي تتعامل من الحروف والكلمات وكأنها لعبة تتهاوى بين أصابعها.
أنصح محبي الروايات اقتناء هذه الرواية الممتعة ستعشقون قراءتها للمرة الأولى والثانية والثالثة، ألم أقل لكم أن روايتها سهلة ممتنعة!
بالبداية تتعقد الأمور لم تكن الشخصيات واضحة الدمج والمزج بين خليط حنان الأم وحب البنت يجعل منها وكأنك تعيش بين الدورين، وتتمنى أن تكون البنت تارة والأم تارةً أخرى.
بين الشخصيتين فاصل عالمين لم يلتقيا إلا بالروابط الفكرية والشعور القاسي على كلا الطرفين.
فقط الشعور الجميل تم إيصاله وإهدائه إلى القارئ، وأعتقد إن الكاتبة في وصف بعض الأشخاص اختارتهم من وسطها، ولم تحدد من لكن بحكم قربي لها، كنت أعرف من محتوى الكتابة أن هذا الشعور ينطبق على نظرتها للشخصيات التي تنطبق بواقعها.
ربطت الكاتبة الشخصيات وتعمدت إظهار ارتباط دانة ببطلة الرواية حيث تسترسل هنا شعور الصداقة، وتصفه بأدق وصوف الوفاء، حيث تفهم الشخصيتين بعضهما لبعض من نبرات الصوت وحركات الأيدي ومغزى الكلام، حيث القارئ يتمنى أن تكون علاقته بصديقه كما وصفت وذكرت. ويحتار القارئ هل هي صداقة أم أخوة أم الاثنين معاً.
كذلك تجلت جوانب الرواية على أفراد مهمين لسماء مثلاً الأب والجدة، وكانت تغفو على وصفهم براحة تامة وتجعل وسادة القارئ تكبر وتكبر، فهي تأخذهم قدوة لها وتحب أبيها لكن تشعر وكأنه مجرم في حق أمها، وتحل لغز موتها، لأنها كانت تحمّل الأب سبب فقدانها.
تميزت الرواية بجمال الانتقال بين الشخصيات وبين البلدين، لكن تعثرت الروائية فاطمة بالتحايل على فكر القارئ كانت تعتقد أنه سيفشل بالفصل بين الشخصيتين، لكن الخيوط التي كانت ترميها بنهاية كل فصل، كان بمثابة حل لغز للقارئ منه يجعله مخرجاً لخداعها وبراعتها. لينتقل تلقائياً إلى مطلع الفصل التالي بالتشويق الذي اختلقته دون حساب.
أنصح القارئ لا تقرأ الرواية وفكرك مشغول؛ لأنها تحتاج إلى هدوء العقل وثبات الذائقة الأدبية وإلا تدخلك في كمينها دون خلاص.
أرى أن فاطمة وفقت لكتابة هذا الرواية من حيث الصياغة واختيار العنوان وأخفقت باختيار صورة الغلاف، لم يصف الغلاف قوة العلاقات بداخل الرواية كما تجلت واضحة بين الأم والبنت لكن اختيار ”لون الماء“ كإسم لعله يشفع لها أن تجد علاقة الشفافية بين وصوف الشخصيات.
عزيزتي ”فاطمة“ القارئ يتشوق ويترقب رواية أخرى لفاطمة الشيخ صالح، من وجهة نظري يجب عليها تكرار التجربة ونجاح الإنجاز الأول يحتم عليك إكمال المسيرة برواية أخرى نترقب هل أداؤها سيكون براقاً كما ربحت الأولى!