آخر تحديث: 3 / 5 / 2024م - 1:36 ص

لماذا خُصَ أمير المؤمنين بالولاية دون غيره؟

زاهر العبدالله *

مقدمة:

نريد نلفت الإخوة الأعزاء أن مقياس التفضيل عند الله سبحانه يختلف جوهرياً عن مقدار التفضيل عند البشر وإن تشابه ظاهرياً بالكم لماذا؟

1 - لأن الله سبحانه عنده السر وما أخفى فيرى بياض الإخلاص التام من غيره وهذا متعذر بل مستحيل عن البشر.

2 - لأنه سبحانه يرى عمق وعظمة الموقف ذاته فإذا ألغيت كل صور الأنانية وحب الدنيا في قلب الإنسان وذاب في الله وفي حبه فلا يرى إلا الله ولا يجد حلاوة البقاء إلا مع الله سبحانه، هنا يعطيه مكافأة أعلى مما بذله الإنسان من انقطاعه المطلق لله سبحانه وهذا العطاء والمن أيضاً مستحيل على البشر.

3 - إن الله سبحانه وتعالى عليم حكيم يعلم بالأمور قبل حدوثها ويعلم عن خلقه قبل أن يخلقهم أيهم عنده الاستعداد التام في الانقطاع إليه والذوبان في حبه ممن يحب نفسه ويتعلق بدنيا زائلة مسها لين وفي باطنها السم القاتل وهي الذنوب والخطايا في السر والعلن.

بعد هذه المقدمة نقول وبالله التوفيق

إن أمير المؤمنين امتلك من الفضائل ما لا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى ولا يعرف مكنونها إلا هو سبحانه ونبيه الكريم محمد ﷺ

مصداقاً لحديث:

ما روي عن النبي ﷺ يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت وما عرفني إلا الله وأنت وما عرفك إلا الله وأنا.

م: مختصر بصائر الدرجات - الحسن بن سليمان الحلي - الصفحة 125.

محاور المقال يتمركز حول نقطتين

1 - وصية النبي الأعظم محمد ﷺ لأمير المؤمنين

تبين صبره وفضله وعمق إيمانه وعظيم يقينه بالله سبحانه.

2 - الآثار المترتبة من ذكر فضائل أمير المؤمنين

1 - وصية النبي الأعظم محمد ﷺ لأمير المؤمنين

تبين صبره وفضله وعمق إيمانه وعظيم يقينه بالله سبحانه.

في وصية طويلة الذيل نأخذ منها الشاهد في المقام حيث يقول النبي الأعظم محمد ﷺ:

يا علي أخذت وصيتي وعرفتها وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها، فقال علي :

نعم بأبي أنت وأمي علي ضمانها وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها، فقال رسول الله ﷺ: يا علي إني أريد أن أشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة.

فقال علي نعم أشهد، فقال النبي ﷺ: إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لأشهدهم عليك، فقال: نعم ليشهدوا وأنا - بأبي أنت وأمي - أشهدهم، فأشهدهم رسول الله ﷺ وكان فيما اشترط عليه النبي بأمر جبرئيل فيما أمر الله عز وجل أن قال له: يا علي تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله والبراءة منهم على الصبر منك [و] على كظم الغيظ وعلى ذهاب حقك وغصب خمسك وانتهاك حرمتك؟

فقال: نعم يا رسول الله فقال أمير المؤمنين : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت جبرئيل يقول للنبي: يا محمد عرفه أنه ينتهك الحرمة وهي حرمة الله وحرمة رسول الله ﷺ وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط

قال أمير المؤمنين : فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل حتى سقطت على وجهي وقلت:

نعم قبلت ورضيت وإن انتهكت الحرمة وعطلت السنن ومزق الكتاب وهدمت الكعبة وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك، ثم دع بفاطمة وحسن وحسين وخبرهم بما أخبر أمير المؤمنين.

م: الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - الصفحة 282.

بعد هذه الراويتين أصبح جلياً ما أشرنا إليه في المقدمة أن الفارق في التفضيل بين الله سبحانه وتعالى وبين خلقه.

ولو تتبعنا سيرة أمير المؤمنين حسب الكم البشري لوجدنا أن كل فضيلة لوحدها تغني عن الجميع:

1 - ولادته في الكعبة.

2 - أول من آمن بالله سبحانه وتعالى.

3 - أفضل من أعلن النصرة والمؤازرة لرسول الله ﷺ في آية وأنذر عشيرتك الأقربين.

4 - أول من ضحى به أبيه وإخوته في الحفاظ على رسول الله ﷺ في شعب أبي طالب.

5 - أول من جاهد بين يدي رسول الله ﷺ.

6 - أول من حفظ كتاب الله سبحانه وعلم رسول الله ﷺ.

7 - أول من حفظ ودائع رسول الله صلى الله وأداها للناس وهاجر علناً بعرضه حتى أوصلهم المدينة المنورة دون خوف ووجل.

8 - أول من قاتل بين يدي رسول الله ﷺ في بدر وحنين.

9 - خصه رسول الله ﷺ بالمأخاه لنفسه بعدما آخا بين المهاجرين والأنصار.

10 - خصه بأن زوجه ابنته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين.

11 - أول من قال في حقه أقضاكم علي، وقال أعلمكم علي، وقال علي مع الحق والحق مع علي، وقال لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، وقال لأعطين الراية غدا رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وكثيرة هي فضائله لا تحصى روحي له الفداء وقد أجملها مولانا الإمام زين العابدين في خطبته حيث قال:

أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا إله إلا الله، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين، وبايع البيعتين، وصلى القبلتين، وقاتل ببدر وحنين؛ ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكائين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين من آل ياسين، ورسول رب العالمين، أنا ابن المؤيد بجبرئيل، المنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، والمجاهد أعداءه الناصبين،... إلى أن قال:

أنا ابن لسان حكمة العابدين، ناصر دين الله، وولي أمر الله، وبستان حكمة الله، وعيبة علم الله، سمح سخي، بهلول زكي أبطحي، رضي مرضي، مقدام همام، صابر صوام، مهذب قوام، شجاع قمقام، قاطع الأصلاب، ومفرق الأحزاب، أربطهم جنانا، وأطلقهم عنانا، وأجرأهم لسانا، وأمضاهم عزيمة، وأشدهم شكيمة، أسد باسل، وليث هاطل، يطحنهم في الحروب - إذا ازدلفت الأسنة، وقربت الأعنة - طحن الرحى، ويذروهم ذرو الريح الهشيم، ليث الحجار، وصاحب الإعجاز؛ وكبش العراق، الإمام بالنص والاستحقاق، مكي مدني، أبطحي تهامي؛ خيفي عقبي؛ بدري أحدي؛ شجري مهاجري؛ من العرب سيدها؛ ومن الوغى ليثها؛ وارث المشعرين؛ وأبو السبطين: الحسن والحسين، مظهر العجائب، ومفرق الكتائب والشهاب الثاقب والنور العاقب، أسد الله الغالب، مطلوب كل طالب، غالب كل غالب؛ ذاك جدي علي بن أبي طالب.

م: موسوعة شهادة المعصومين - لجنة الحديث في معهد باقر العلوم - ج 2 - الصفحة 381.

الخاتمة:

2 - ما هي الآثار المترتبة من ذكر فضائل أمير المؤمنين ؟

نختم برواية تثلج صدور الموالين لأهل البيت :

حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، عن [جعفر بن]محمد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن آبائه الصادقين ، قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله تبارك وتعالى جعل لأخي علي بن أبي طالب فضائل لا يحصي عددها غيره، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولو وافى القيامة بذنوب الثقلين، ومن كتب فضيلة من فضائل علي بن أبي طالب لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتابة في فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر.

ثم قال رسول الله ﷺ: النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه.

م: الأمالي - الشيخ الصدوق - الصفحة 201

في الختام نعلن ولايتنا كما قالها رسول الله صلى الله

«آلا من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من ولاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار»

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
أبو علي
[ صفوى ]: 7 / 7 / 2023م - 1:06 ص
أحسنت يامؤمن لاجف قلمك وثبتنا الله وإياكم على ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه والبراءة من أعدائه الظالمين .