آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 1:42 م

دلالُ ملهمتي

زكي بن علوي الشاعر

دلالُ ملهمتي

كفاكَ – يا دهرُ!- إيلامًا وتقتيرَا
أما سئمتَ لِحالي قطُّ تعويرَا؟!

سلبتَ مني دلالًا، وهْي مقبلةٌ
على الحياة، وكانت لي وبي نورَا

مضتْ ولستُ لأنسى اليوم بسمتَها
إذا ابتسمتُ، وتفريجًا وتحريرَا

لم يُلْقِ لي الدهرُ لمَّا كان يسلبني
دلالَ – والله!- إنذارًا وتحذيرَا

وكان شهرُ ربيعٍ عامَ أربعةٍ
وأربعين أشدَّ الدهرِ تخسيرَا

ما كان أسعدني لو أنها بقيتْ
معي فأكملَ في دنيايَ تحبيرَا!

لكنها عجلتْ من بعدما رضيتْ
جناتِ عدْنٍ براها الله تعميرَا

مضتْ بعمرٍ قصيرٍ، وهْي راضيةٌ
فما شكتْ عندها الطاعاتُ تقصيرَا

فعمرةٌ وزياراتٌ وأدعيةٌ
وتقرأ الذكرَ ترتيلًا وتحديرَا

ما أغضبتْني ولا باعتْ مودَّتها
إيَّايَ أو سلكتْ لؤمًا وتخويرَا

مضتْ، وعيني عليها اليوم باكيةٌ
دمًا من القلبِ إيرادًا وتصديرَا

لا شيءَ يسعدني، من بعدما رحلتْ
وإنْ ملكتُ كنوزَ الأرضِ والدُّورَا

دلالُ أغلى من الدنيا وزينتها
كانتْ دلالُ أشدَّ الناسِ تأثيرَا

وقد عرفتُ دلالًا خيرَ مؤمنةٍ
بها الْتَقَيْتُ، وما قولي بها زورَا

دلالُ خيرُ أنيسٍ كان سامرني
وإنَّ ظِلَّ دلالٍ كان لي سورَا

ولا سبيلَ إلى قلبي، وقد رحلتْ
عني دلالُ؛ فقلبي فُتَّ تفطيرَا

دلالُ! هل أنتِ مني كنتِ غاضبةً؟!
أكنتُ قصَّرتُ في إرضاكِ تقصيرَا؟!

قد كنتِ عاشقةً إيايَ راضيةً
عني وبي، ولكسري كنتِ تجبيرَا

مهما تأخَّر عني صادقٌ وأخٌ
فلم أجدْ منكِ يومًا قطُّ تأخيرَا

أنتِ التي حبُّها صدقٌ؛ فلا طمعٌ
في غير حبِّي، ولا غشًّا وتغريرَا

قد عشتِ عشرةَ أعوامٍ معي، وبها
عرفتُ معنى الوفا سمعًا وتصويرَا

حقيقةُ الحُبِّ ما كانتْ دلالُ بهِ
وما عداه يكون الحبُّ تزويرَا!!

أترحلين وقلبي أنتِ؟! كيف إذا
مضى فؤادي أرى عيشًا وتعميرَا؟!

سئمتُ بعدكِ عيشي؛ فهْو مفتقرٌ
إلى السعادة تقليلًا وتكثيرَا

فلا أرى الناسَ – إلا من وجدتُ به
بعضَ الوفاءِ – مصابيحًا وتنويرَا

أراهمُ ظلمةً؛ فالنورُ ما ضمنتْ
أرضُ الحُلَيْلَةِ – يا نورَيَّ!- تقبيرَا

شمسُ الشُّموسِ دلالٌ، وهْي باديةٌ
بدرَ البدورِ، وملءَ الكونِ تعطيرَا

قلبي ينازعني فيها، وقد رحلتْ
يقول : أعطيتَ هذا العيشَ تبريرَا؟!

فقلتُ : ما كنتُ أرجو العيشَ.. ما بيدي
مماتُها وبقائي بعدُ محسورَا

إني لأذكرُها حينًا، فأحسبني
من بعدِ موتِ دلالٍ صرتُ مسحورَا

لا أفقهُ القولَ، مهما كان ردَّده
عليَّ قائلُه صوتًا وتحريرَا

أمَّا كلامُ دلالٍ، فهْي ملهمتي
أُظَنُّ – إن ألهمتْني القولَ – نِحريرَا!!

يا من بقلبي وروحي أينما ذهبتْ!
عيشي بذكراكِ.. لا أحتاجُ تذكيرَا!!

ما تركُها ليَ عمدًا.. بل على عَجَلٍ
إذْ كان سعيُكِ عند الله مشكورَا!!

حوريَّةٌ في جنان الخلدِ.. لا صخبٌ
هناكِ، إذ تصحبين العِينَ والحُورَا

ولا يخفِّف آلامي سوى أملي
وغيرُ محضِ اعتقادي فيكِ تبشيرَا