مغالطة التكلفة الغارقة
ثمة مصطلح يجري تداوله في الاقتصاد والإدارة والسياسة أحياناً، وهو مصطلح التكلفة الغارقة «Sunk Cost» هي التكلفة التي تم تحملها في الماضي ولا يمكن استردادها، ويجري استبعادها عند اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية، لأنه يُنظر فقط في التكاليف التي قد تتغير، أي التكاليف المستقبلية التي تُدفع إثر اتخاذ القرار.
يبرز مع هذا المصطلح مغالطة شهيرة تحمل اسم ”مغالطة التكلفة الغارقة“ أو ”السفينة الغارقة“ «Sunk Cost Fallacy»، التي قد ترتكبها شركة ما عندما تمضي في تنفيذ قرار ما بناء على نية عدم خسارة التكاليف التي دُفعت بالفعل، مع أنه لا توجد علاقة بين ضمان نجاح القرار المتخذ والتكاليف المدفوعة سابقاً.
من الأمثلة المشهورة في هذا المجال، إحجام ”جنرال موتورز“ «General Motors» عن التخلي عن الاستراتيجيات التي كانت ناجحة سابقاً، لكنها أسهمت في تدهور الشركة في أواخر القرن الماضي. وفي مجال الطيران، قصة الاستثمار الضخم الذي استمرت الحكومتان البريطانية والفرنسية في بذله في مشروع ”الكونكورد“ «Concorde»، رغم علمهما أنه لن يكون مجد اقتصادياً، في الواقع، لا يزال يُشار إلى تأثير التكلفة الغارقة أحياناً باسم «مغالطة الكونكورد».
يمكن ذكر أمثلة حياتية قد تمر على أي فرد منا، قد أشتري تذكرة سينما، وما أن تمر دقائق على بداية الفيلم حتى أشعر أنه غير مناسب لي، وأني لن أستمتع بالمشاهدة، لكن رغم ذلك، سأبقى حتى نهاية العرض، بسبب أني دفعت مالاً لا يمكن استعادته مقابل مشاهدة الفيلم، دون أن أدرك أني حين فقدي لعنصري المتعة والفائدة، يصبح بقائي مضيعة للوقت والجهد.
وهذا ينطبق على أي ممارسة نعملها، ونكتشف من البداية أننا لن نستفيد من الغرض المنشود منها، ورغم ذلك نواصل الممارسة خشية خسارة المال والجهد والوقت الدي بذلناه من أجلها، ولكن النتيجة هي العكس من ذلك تماماً.
ختام الكلام، علينا جميعاً مراجعة قراراتنا وأحكامنا وسلوكنا باستمرار ومحاكمتها بموضوعية وجرأة ووضوح، وأن يكون لدينا الوعي والبصيرة والموضوعية الكافية، لاتخاذ القرار الصائب والمناسب في الوقت المناسب بدون مماطلة أو تسويف، بحيث يمكن تجنب الكثير من الخسائر والكوارث.