آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

المقاهي ليست مسؤولة

أمين محمد الصفار *

يتداول الكثير في وسائل التواصل الاجتماعي والجلسات الخاصة ظاهرة انتشار المقاهي الحديثة لدينا، ليس من باب عدم الرغبة بها، بل من زاوية كثرتها وجدوى الاستثمار فيها، لا سيما لرواد الأعمال الشباب الذين يحاولون أن يشقوا طريق مستقبلهم عبر الأعمال الحرة، وليس من خلال الوظيفة في القطاع العام أو الخاص.

بعض الأخبار التي نقرأها في الصحف بهذا الخصوص هي أشبه بالإعلانات السلبية تجاه المقاهي، بل مختلف الأعمال التجارية لرواد الأعمال وهي بذلك ترسل رسائل سلبية قصيرة مزعجة لكل من يعمل أو يفكر في إنشاء عمله الخاص، وضررها أكثر من تلك الرسائل التطفلية التي تصل يوميا لجوالاتنا «SMS» وبريدنا الإلكتروني.

الواقع أن المقاهي هي حاجة اجتماعية، فرضها النمط والتغير الاجتماعي الذي تعيشه، وهي قديمة في بلدنا، وإن تغير شكلها إلى الشكل الحالي الذي نعيشه، وهي قابلة للتغير والتطور إلى أشكال أخرى مستقبلاً.

سابقا كل شبر في محافظة القطيف «كمثال» بحكم طبيعتها الزراعية التي تغطي معظم مناطقها الآهلة بالسكان يمثل متنفسا مثاليا للسكان، فلا يكاد يوجد حي سكني إلا ويحيط بمعظم جوانبه ووسطه مساحات واسعة من المزارع الخاصة، أو تلك المفتوحة للجميع فضلا عن تلك المزارع الكبيرة التي تبعد مسافة أكبر، أما اليوم، لم يعد هذا الخيار متاحًا كما كان في السابق، بل حتى الحدائق القابلة لأن تكون متنفسا اضمحلت ولم تعد كذلك، وكذلك الحال بالنسبة للشواطئ المتاحة والكورنيش الذي أصبح ما بين مد وجزر طولا وعرضا.

إن وجود الحدائق والشواطئ والكورنيش المؤهلة للجلوس وتجمع الأصدقاء والعوائل والاستمتاع بأجوائها المفتوحة هو الذي يضيف قيمة حقيقة للمدينة والمشاريع التجارية على اختلاف أنشطتها، وهي كمنظومة ترفيه واحدة قادرة على تحسين وتعزيز جودة الحياة، وهي قادرة على خلق الخيارات الأخرى التي لا تستطيع المقاهي توفيرها عادة، وفي نفس الوقت تمنح المقاهي الفرص الاستثمارية المناسبة للاستفادة من تعدد الخيارات الترفيهية.

إن التركيز على ضيق وقلة الخيارات فقط في دراسات الجدوى الاقتصادية يعطي نتائج إيجابية مضللة لأي دراسة جدوى لإنشاء مقهى، حيث إن الواقع قد يكون مخالفا لنتائج تلك الدراسات التي لا تأخذ العوامل الأخرى بعين الاعتبار.

إننا بحاجة أن نعمل وننظر إلى منظومة تحسين جودة الحياة في المدينة المتمثلة في الحدائق والساحات الشواطئ والكورنيش إلى أنها في حالة تكامل نموذجي مع مشاريع الترفيه الخاصة كالمقاهي وغيرها، وليست في حالة تنافس وصراع بينهما، لتبدو المدينة وكأنها معاقة صورتها مشوهة المعالم.

نحن نتحدث عن تحارب محلية ناجحة، نراها رؤية العين والقلب وهي قابلة الاقتباس الذكي، قد أخذت بعين الاعتبار والمسؤولية حالة التوازن وراعت الطبيعة الخاصة للمدينة، ولم تفرط في أي مقوم من مقومات التنمية المحلية للمدينة، لنعمل معا على المراجعة وتفكيك أي نظرة قاصرة تنظر بعين لجانب واحد وبعين واحدة فقط، على حساب الجانب الآخر.