اشتروا الشاي الفاخر من عمر باهبري!
ربما يعتقد البعض أن هذا إعلان لشاي عمر باهبري في صحيفة اليوم السعودية العريقة، ذلك التاجر اليمني الداهية الذي جعل الإنجليز أضحوكة. أنا أعتقد أنه يستحق الإعلان إذا كان لا يزال حياً، بسبب فطنته وذكائه وقصته العجيبة مع الاحتلال البريطاني.
كان عمر باهبري تاجر شاي يمني الجنسية، عايش فترة احتلال الإنجليز لليمن، وكان على علم ودراية بأخبار ولغات الشعوب الأخرى، ومن بينها الإنجليزية، بحكم كونه تاجرا اختلط بتجار الدول الأجنبية التي يجلب منها بضاعته.
تتمثل أحداث القصة، باستغلال تاجر الشاي اليمني سذاجة المستعمر البريطاني في خدمة مصالحه الشخصية، وحصد أرباحاً طائلة بعد الدعاية المجانية التي حصل عليها، خصوصاً مع يقينه بمقت وكراهية أبناء بلده للتواجد البريطاني على أرضهم. كان صعباً على الإنجليز التواصل مع اليمنيين بسبب قلة المترجمين للغة العربية، لذا كان لا بد من طلب المساعدة من أبناء المنطقة المتحدثين باللغة الإنجليزية، ولذلك تم استدعاء عمر باهبري.
تكمن الحيلة التي انطلت على الإنجليز في ترجمة عمر باهبري لمطالب الإنجليز من الشعب اليمني بمنحهم الثقة والرضوخ لهم. فبعد استدعاء البريطانيين لعمر، على أنه المترجم الوحيد القادر على مساعدتهم على كسب ولاء اليمنيين ليتمكنوا من بسط نفوذهم، قام عمر بترجمة المطالب للغة العربية، وطبع منها ملايين المنشورات التي وزعت بالطائرات على كافة أنحاء اليمن.
بعد مدة، زار جنرال بريطاني عدن لتفقد الأوضاع، وكان ملماً باللغة العربية، فأخذ حفنة من تلك المنشورات وقرأها، فسأل الضابط المسؤول عن تلك المنشورات، ليجيبه إنها لكسب دعم وولاء الأهالي، فسأله الجنرال بدهشة عن المكتوب فيها؟ ليرد الضابط كتب عليها «النصر للحلفاء.. انضموا لنا.. إلخ»، فرد عليه الجنرال: بل كتب عليها «اشتروا أفخر أنواع الشاي من عمر باهبري».
يقال: «من تعلم لغة قوم أمن مكرهم» دلالة على أهمية تعلم لغات الشعوب الأخرى. تعتبر اللغة أساس التواصل الإنساني، ووسيلة لنقل الأفكار والمعرفة بين الأفراد والشعوب ولتبادل المعلومات والخبرات، فاللغة هي طريقة تعبير الأفراد والثقافات المختلفة عن أنفسهم.
يساعد تعلم اللغات على فهم الثقافات الأخرى وأوجه التشابه والاختلاف بينها وبين ثقافتنا. فاللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي طريقة لفهم تفكير وقيم وعادات وتقاليد الثقافات الأخرى.
يساعد تعلم اللغات المختلفة على التواصل، وبالتالي بناء علاقات جديدة وتوسيع دائرة المعارف والأصدقاء، إضافة لتعزيز الثقة بالنفس، وتحفيز الدماغ، وتحسين الذاكرة والتركيز. يمكنه أيضاً خلق فرص تعليمية ووظيفية أفضل. ففي زمن العولمة والتواصل الدولي، فإن تعلم لغات مختلفة يعتبر مهمًّا لتعلم الإنسان وتطوره، وللحصول على فرص عمل جديدة.
وعلى الرغم من وجود الكثير من الأجهزة والتطبيقات التي تقوم بالترجمة اللحظية، إلا أن التحدث بأكثر من لغة يبقى مهارة بشرية مبهرة، وفي الحقيقة لم أشعر يومًا بالغيرة والغبطة تجاه أحد كما شعرت من المتحدثين بأكثر من لغة.
إذاً، فإن تعلم لغات مختلفة هي ضرورة لتسهيل التواصل والتفاهم، وخلق فرص وظيفية وتعليمية جديدة، وتعزيز الثقة بالنفس وتحسين الذاكرة إضافة لإمكانية زيادة ثروتك إذا استخدمتها الاستخدام الصحيح، كما زادت ثروة علي باهبري.