آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 2:36 م

الأمراض الاجتماعية

محمد أحمد التاروتي *

الأمراض الاجتماعية تترك آثارا على النسيج العام لمختلف الشرائح، بحيث تكون انعكاساتها عميقة على البعض، وسطحية على البعض الآخر، تبعا لطبيعة التفاعل مع تلك الأمراض، وحجم العدوى منها، الأمر الذي يفسر التحركات المتباينة للتخلص منها، خصوصا وأن الأضرار الناجمة عنها تلعب دورا حيويا، في اتخاذ الإجراءات الاحترازية للوقاية منها.

التعاطي مع الأمراض الاجتماعية مسؤولية مشتركة، فهي ليست منوطة بشريحة دون أخرى، نظرا لقدرة هذه الأمراض على التغلغل في التفكير الجمعي، مما يستدعي وضع الآليات، وتسخير الإمكانات للتخلص منها، لا سيما أن الاتكالية تخلق العديد من المشاكل، سواء الصعيد الفردي أو الجمعي، الأمر الذي يفرض إعلان حالة الطوارئ العامة، واستبعاد التفكير السلبي من الثقافة الاجتماعية، فالمرحلة الحساسة تستوجب استخدام جميع الوسائل، لإيجاد الأمصال القادرة على علاج مختلف الأمراض الاجتماعية، لاسيما وأن الأمراض لا تصيب دون أخرى، وإنما تشمل مختلف الفئات الاجتماعية ”الخير يخص والشر يعم“.

القدرة التشخيص المبكر للأمراض الاجتماعية، ميزة كبرى لدى بعض المجتمعات البشرية، بحيث تتحرك في الوقت المناسب قبل استفحال الأمور، وخروجها عن السيطرة، إذ يتجلى في وضع الحلول، والعمل تطويق الأمراض في مهدها، والحرص على محاصرتها بشكل كامل، انطلاقا من الإدراك التام بخطورة تلك الأمراض على العقلي الجمعي، مما يستوجب القيام بخطوات استباقية، وعدم انتهاج الحلول المؤقتة، أو استخدام المسكنات للخروج من مأزق الأمراض، فالاكتشاف المبكر للأمراض يعطي البيئة الاجتماعية، فسحة زمنية كافية لإيجاد المناخات القادرة، على وضع الأمور تحت السيطرة، بحيث يبرز على برامج متعددة، وخيارات عديدة تقود للتخلص من عبء تلك الأمراض، على الثقافة الاجتماعية السائدة.

وجود فكر إبداعي، وقدرة على التفكير خارج الصندوق، يمهد الطريق أمام الكثير من المعالجات الحقيقية، لاسيما وأن الحلول التقليدية في بعض الأحيان، غير قادرة تحريك الأمراض من مكانها، مما يستدعي توفير المناخ الجمعي الممكن للحلول الإبداعية، باعتبارها إحدى الوسائل للسيطرة، على بعض الأمراض الاجتماعية القاتلة للثقافة الحية، وبالتالي فإن العمل على تحريك الأفكار الخلاقة عنصر فاعل، في مواجهة مختلف الأمراض الاجتماعية غير الصحية، خصوصا وأن الصراع القائم بين الثقافة الحية والأمراض الاجتماعية، بحاجة إلى الكثير من الأدوات، والعمل بجد لاستبعاد تلك الأمراض من الثقافة السائدة، نظرا لخطورتها على المسيرة الاجتماعية، كونها فيروسا قاتل الفكر الجمعي.

التعايش مع الأمراض الاجتماعية، إحدى الأخطاء القاتلة، فهذه الأمراض يصعب التعايش معها، كونها أداة تخريب وتدمير، مما يتطلب التحرك في جميع الاتجاهات للقضاء عليها، عوضا من البحث عن المبررات للتعايش، وبالتالي فإن الدعوة لتجاهل الأمراض الاجتماعية، ومحاولة استيعابها كونها ظواهر طارئة سرعان، ما تتلاشى مع الزمن، ليست دعوة صحية على الإطلاق، خصوصا وأن بعض الأمراض الاجتماعية قادرة على نقل العدوى، للعديد من الاجتماعية مما يجعلها من الأمراض المزمنة، التي يصعب اقتلاعها، الأمر الذي يستدعي انتهاج الطرق السليمة في معالجة الأمراض الاجتماعية، عوضا من اتخاذ الوسائل غير العملية، من أجل حماية البيئة الاجتماعية من الأخطار الكبيرة، الناجمة عن استفحال تلك الأمراض في مختلف مفاصل المجتمع.

وضع البيئة الاجتماعية في حالة استعداد، وتحفز لمقاومة مختلف الأمراض الاجتماعية، عملية أساسية وعنصر فاعل في تجنب انتقال العدوى، ومنع إعطاء تلك الأمراض الاجتماعية مساحة واسعة، للتحرك بحرية مطلقة، خصوصا وأن القيود المادية والمعنوية تكبل التفكير عن الانطلاق، باتجاه التخلص من الأمراض الاجتماعية، الأمر الذي ينعكس على استيطان تلك المعوقات في التفكير الجمعي، مما يعطل الحركة النهضوية من أخذ طريقها للتمدد في الثقافة العامة، نظرا لوجود فيروسات مرضية تحول دون إعطاء الفئات الاجتماعية، القدرة على الخروج من دائرة التفكير ”السلبي“، وبالتالي فإن البرامج المختلفة الساعية لتحريك الفئات الاجتماعية، لمواجهة كافة الأمراض القاتلة، تمثل أحد الممكنات لوضع الأمور في الاتجاه السليم على الإطار الجمعي.

كاتب صحفي