«2x2» لا يساوي 4 دائماََ!!
تتمة لمقال «1+1 لا يساوي اثنين دائماََ»
الإبنة الصغيرة التي كانت تتعلم العدّ والحساب باستخدام أناملها الناعمة، وتستعين بأصابع والدها الكبيرة، أصبحت مهندسة، وربما كان توجهها للهندسة نتيحة لانعكاس الهندسة على تفكير، وسلوك مُحدّثكم.
جلسنا حول مائدة الطعام، وهي تقرأ المقال الأول، ويبدو أنها فهمت مبدأ التعاضد، ومُعامل الحساب الإنساني، ومُعامل التوفيق والبركة الإلهي، وكيف يؤثر كل ذلك على قيمة وإنتاج الفرد،
والمجموعة. بدتْ عليها الابتسامة التي تظهر عندما يتعلّم الإنسان شيئاََ جديداََ، وسألت: ”ماذا ايضا؟! هل يوجد مفاجآت حسابيّة أخرى؟!“
فسألتها: ”كم يساوي 1x1؟!“
أجابت على الفور: ”واحد طبعاََ“
فسألتها: ”كم يساوي 2x2؟!“
أجابت: ”بابا هل ستمتحنني في أبسط عمليات جدول الضرب، أنا مهندسة؟! أربعة طبعاََ“
فقلت لها: ”هل تعلمين أن «2x2» لا يساوي أربعة دائما؟!“
أجابت وهي مبتسمة، ومستغربة: ”بابا.. أنت تلعب بعقلي، كيف لا يكون «2x2=4»؟!“
فقلت لها اِسمعيني: "في علم الحساب كلامك صحيح، أربعة هو الناتج،
ولا يمكن أن يكون غير ذلك ولكن عندما نفكّر من زاوية أخرى، تشمل الإنسان، والمجتمع، والأحاسيس، والعلاقات البشرية فإن حاصل الضرب لا يكون أربعة، بل سيكون أقل من ذلك، وربما يكون صفراََ، أو سالباََ!
على سبيل المثال، عندما يكون هناك أربعة موظفين يعملون في فريق واحد، ويقوم اثنان منهم بالتحايل، ونصب المكائد للموظفين الآخرين، أو إخفاء معلومات مهمّة عنهم فإن اثنين يضربان اثنين، والنتيجة هي خسارة في إنتاجية فريق العمل، وعلاقات متوترة. أضيفي إلى ذلك، خسران القيمة المضافة من مُعاملي التعاضد، والتوفيق الإلهي.
مثال آخر: عندما يكون هناك فريق عمل، أو أسرة، ولنقل أنها تتكون من خمسة أشخاص، ويكون الأب مستبداََ برأيه، ولا يتيح الفرصة لأبنائه لإبداء الرأي، والمشاركة، فإن الأسرة تخسر المشاركة التعاضدية. وبمعنى إنساني ما يحصل هو أن واحداََ يضرب «4»، ولا يحصل فريق العمل إلا على «1» وهو رأي الشخص المستبد!
مثال آخر: عندما تتنافس مؤسستان صغيرتان، أو متوسطتان الحجم مع مؤسستين صغيرتين أخريين، ويخرجانهما من السوق فإن «2x2» يساوي اثنين فقط. ولكن، عندما تدخل شركة كبيرة من وراء البحار وتضرب المؤسستين الباقيتين، فإن ذلك يعني أن لا واحدة من الأربع المؤسسات الأولى تبقى، فالناتج الأخير لما حدث بين الأربعة هو صفر. بينما كان في مقدور المؤسسات الأربع أن تعمل بمبدأ التعاضد، وتكون كياناََ واحداََ قادراََ على البقاء، والمنافسة حتى مع دخول الشركة الأجنبية الكبيرة!
الضرب يا إبنتي مفيد في علم الحساب، ولكنه مقيت، ومضر عندما يقع بين البشر، ومكوّنات المجتمع، فالكل خاسر في المحصلة!
فقالت: ”أحببت الجمع، والتعاضد في الخير، وكرهت الضرب، والاحتكار.“