آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 7:35 م

محاكاة اللدونة الدماغية عند الأطفال للتحكم في اضطراب الكرب التالي للصدمة

عدنان أحمد الحاجي *

18 مايو 2023

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 146 لسنة 2023

Mimicking brain plasticity in children to control post-traumatic stress

18 May 2023

فريق بقيادة غرازيلَّا داي كريستو Graziella Di Cristo، الاستاذ المشارك في تطور الدماغ والطفل، قسم علوم الأعصاب في كلية الطب، جامعة مونتريال أحرز اختراقًا علميًا مهمًا في علاج من يعانون من أعراض مرتبطة باضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية [1] .

هل يمكننا زيادة مستوى اللدونة الدماغية [2]  لدى الراشدين [20 سنة وأكبر] مؤقتًا لخفض استجابات الخوف والقلق لدى المتعرضين لصدمة نفسية [3] ؟ كانت غرازيلَّا، باحثة علم الأعصاب، وفريقها مصممين على معرفة ما إذا كان بإمكانهم القيام بذلك. في دراسة جديدة أجريت على الفئران، استطاعت غرازيلَّا وفريقها التحكم في استجابات الخوف من خلال إزالة الحساسية للذكريات المسببة للخوف بالتزامن مع الزيادة في اللدونة الدماغية وذلك بالتحكم في تنشيط الجينات [4] . يعد هذا إختراقًا علميًا مثيرًا للاهتمام لعلاج من يعانون من أعراض مرتبطة باضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية [1] .

نُشرت نتائج هذه الدراسة في 2 مايو 2023 في مجلة الطب النفسي الجزيئي [5]  Molecular Psychiatry.

قد يؤدي الخوف الناجم عن حالة الصدمة النفسية إلى ذكريات ثابتة تثير الرهاب والقلق وحتى اضطراب الكرب التالي للصدمة. في الحالات الحادة من هذا الاضطراب، يمكن استخدام علاجات إزالة الحساسية للذكريات المسببة للرهاب التدريجي التي يشرف عليها معالج نفسي لفك الارتباط بين استجابات الخوف وبين الذكريات. أثبتت الدراسات السابقة أن هذا النوع من العلاج يُعد أكثر فاعلية في علاج الأطفال، حيث أدمغتهم التي تتمتع بلدونة عصبية أكثر تُسهِّل تكوين ذكريات جديدة وتفك الارتباط مع استجابات الخوف.

مختبر غرازيلَّا يدرس الخلايا العصبية البينية [7]  GABAergic، وهي الخلايا المثبطة التي تبطئ نشاط الدماغ. من بين هذه الخلايا العصبية البينية، الخلايا التي تنتج الشبكة العصبية التي تتحكم في انتاج بروتين ال بارفالبومين parvalbumin وديناميكيات الدارات circuits في الدماغ، بما في ذلك الأجزاء التي تخفِّض من شدة «أو مدة بقاء» الأفكار الداعية للقلق والخوف [7] .

جين وبروتين مقترنان بلدونة الدماغ

في أدمغة الأطفال، تصبح شبكة خلايا البارفالبيومين أكثر لدونة بسبب كمية بروتين ال أغريكان Aggrecan المنخفضة [المترجم: ال أغريكان هو نوع من أنواع البروتيوغليكانات [8] ]. أوضحت غرازيلَّا، أن ”هذا البروتين يحيط بخلايا البارفالومين ويصلبها أثناء عملية تطور «نضج» الدماغ من خلال بنية تسمى شبكات الخلايا العصبية المحيطة [9]  perineuronal nets، مما يجعلها أقل لدونة“.


صورة لخلية بارفالبومين parvalbuminالعصبية البينية تبين شبكات الخلايا العصبية المحيطة «باللون الأحمر» تتكون من بروتين أغريكان «باللون الأخضر». يمكنك أن ترى بوضوح البنية الشبيهة بالشبكة التي تتكثف حول جسم الخلية والتغصنات العصبونية dendrites القريبة لمركز خلية بارفالبومين العصبية البينية في موقع P60 في القشرة المخية. بإحاطة المشابك العصبية الواردة على جسم الخلية والتغصنات العصبونية، تعمل شبكات الخلايا العصبية المحيطة على استقرار وتقوية الروابط المشبكية.

”بالتعاون مع الباحثة غارسيليا بينيارو Graciela Piñeyro وفرق البحث التابعة للدكتور غريغور آندلفينغ Gregor U. Andelfinge. لقد وجدنا هدفًا محتملاً لزعزعة استقرار تصلب شبكات الخلايا العصبية المحيطة، دون التأثير في مجموعات الخلايا العصبية الأخرى، وذلك بخفض انتاج جين أكان Acan gene،“ كما أوضحت ماريسول لافيرتو جولين Marisol Lavertu-Jolin، طالبة الدكتوراه حينها والمؤلفة الأولى للدراسة.

كيف يمكن التحكم في إنتاج أغريكان Aggrecan في الدماغ

بالتعاون مع فريق بحث في الهند، طور فريق غرازيلَّا جزيئًا يسمى siARN والذي لا يمتلك فقط خاصية تثبيط الجين، بل أيضًا يمتلك خاصية عبور الحاجز الدموي الدماغي [10]  عبر الدورة الدموية.

أوضحت غرازيلَّا ”كان علينا التحقق من أن SiARN الذي حقناه في الدورة الدموية، يثبط بشكل خاص جين أكان Acan، وبالتالي يزيد من اللدونة الدماغية“. ”هذا هو المفتاح لتعزيز تكوين ذكريات جديدة والسماح بإزالة حساسية الذكريات المسببة للخوف لتكون هذا الذكريات الجديدة فعالة في الأمد الطويل.“

وكانت التجربة ناجحة. الزيادة المؤقتة في لدونة الدماغ سمحت بتكوين ذكريات جديدة في الفئران الكبيرة [بعمر 3 - 6 شهور وهذا السن يقابل سن شخص راشد يتراوح بين 20 - 30 سنة] وخفض استجابات الخوف لحالات الصدمة النفسية.

تمهد هذه الدراسة الرائدة الطريق لأبحاث سريرية ممكنة على الراشدين المصابين باضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية لتحسين النجاح الطويل الأمد للعلاجات بالتعرض [11] .

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_الكرب_التالي_للصدمة_النفسية

[2]  ”اللدونة العصبية «neuroplasticit» تسمى أيضاً مطاوعة الدماغ، يشمل هذا المصطلح كلاً من اللدونة المشبكية واللدونة غير المشبكية. اللدونة غير المشبكية هي التي تتعلق بتغيرات في طرق النقل العصبي وأيضاً بعض المشابك المرتبطة بتغيرات في سلوك الجسم وبيئته وعملياته العصبية بالإضافة إلى التغيرات التي تعقب الإصابات الجسدية. تظهر اللدونة العصبية بمستويات مختلفة، بدءاً من التغيرات الخلوية الناجمة عن التعلم وصولاً إلى تغيرات شاملة في القشرة المخية استجابة لإصابة ما. يبرز دور اللدونة العصبية في التنمية الصحية والتعلم والذاكرة وكذلك التعافي بعد إصابة دماغية.“ مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/لدونة_عصبية

[3]  ”مصطلح الصدمة النفسية «أو الجرح النفسي» trauma يشير في علم النفس إلى حدوث أو أذىً فس الدماغ بسبب حالة من الكرب والتوتر الشديدين. في علم النفس الصدمة النفسية القوية تنجم عن حوادث مؤلمة قد تكون على سبيل المثال كوارث طبيعية أو اختطاف أو اغتصاب أو حوادث أخرى تنطوي على جروح في الجسم خطيرة. قد تؤدي هذه الحوادث إلى ظهور حالات شد وتوتر عنيفة أو مشاعر عجز أو رعب وخوف وحالات عصبية زائدة وكتمان مشاعر «أي الصبر» ومحاولة الهرب من الواقع. غالباً ما تهدأ حالات الخوف والإجهاد والتوتر هذه من تلقاء ذاتها. أشهر هذه الامراض ما يسمى باضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية. كما يمكن لأمراض نفسية أخرى بعد الصدمة ان تظهر وقد يتعقد الاضطراب وتزداد حالته سوءاً..“ مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/صدمة_نفسية

[4]  https://almerja.com/reading.php?idm=32272

[5]  https://www.nature.com/articles/s41380-023-02085-0

[6]  https://ar.wikipedia.org/wiki/عصبون_بيني

[7]  https://www.psychologytoday.com/us/blog/life-without-anxiety/202004/thoughts-and-fears

[8]  https://ar.wikipedia.org/wiki/بروتيوغليكان

[9]  https://en.wikipedia.org/wiki/Perineuronal_net

[10]  https://ar.wikipedia.org/wiki/حاجز_دموي_دماغي

[11]  https://ar.wikipedia.org/wiki/علاج_بالتعرض

المصدر الرئيس

https://nouvelles.umontreal.ca/en/article/2023/05/18/mimicking-brain-plasticity-in-children-to-control-post-traumatic-stress/