آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

في قلب الروضة الشريفة

نداء الأحمد *

استئذان الزيارة ووصال الأخيار الأطهار:

من المشاهد المؤثرة التي تهذب الفرد منا رحلة السفر للأماكن المقدسة خاصة في المواسم الزمنية المباركة كما هو في قرب رحلة الحج والزيارة للنبي الأعظم ﷺ، وعلى آله الطاهرين.

من يذهب إلى المدينة المنورة بنية الهجرة إلى الله تعالى ورسوله الكريم ﷺ فإنه يشهد توق وشوق منوطا بشعور القرب الجسدي والروحي للذوات الطاهرة في تلك البقعة.

تأخذني ساعة الانتظار لإقامة الصلاة في الحرم النبوي الشريف إلى السباق مع هؤلاء الأفواج التي ترتقب قيام الصلاة حيث في هذا الجمع الغفير تتحسن الحالة المعنوية لكل واحد منا،

أحب المدينة المنورة حبا عميقا، ننعم فيها برفقة أصدق الصادقين المصطفى وآله الكرام الطاهرين.

من الجمال المعنوي الذي يشهده الزائر رقة القلب، وهو يقترب من مراقد الأرواح الطاهرة وخاصة وهو يترنم بقلبه قبل لفظه بالدعاء وقت الاستئذان للزيارة.

وهنا نستشهد بالاستئذان الّذي رواه المجلسي «قدس سره» عن نسخة قديمة من مؤلّفات الأصحاب للدّخول في السّرداب المقدّس، وفي البقاع المنوّرة للائمة وهو هذا، تقول:

"اَللّهُمَّ اِنَّ هذِهِ بُقْعَةٌ طَهَّرْتَها، وَعَقْوَةٌ شَرَّفْتَها، وَمَعالِمُ زَكَّيْتَها، حَيْثُ اَظْهَرْتَ فيها اَدِلَّةَ التَّوْحيدِ، وَاَشْباحَ الْعَرْشِ الَمجيدِ، الَّذينَ اصْطَفَيْتَهُمْ مُلُوكاً لِحِفْظِ النِّظامِ، وَاخْتَرْتَهُمْ رُؤَساءَ لِجَميعِ الْاَنامِ، وَبَعَثْتَهُمْ لِقِيامِ الْقِسْطِ فِي ابْتِدآءِ الْوُجُودِ اِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ بِاسْتِنابَةِ اَنْبِيائِكَ لِحِفْظِ شَرايِعِكَ وَاَحْكامِكَ، فَاَكْمَلْتَ بِاسْتِخْلافِهِمْ رِسالَةَ الْمُنْذِرينَ، كَما اَوْجَبْتَ رِياسَتَهُمْ في فِطَرِ الْمُكَلَّفينَ، فَسُبْحانَكَ مِنْ اِله ما اَرْاَفَكَ، وَلا اِلهَ إلاّ اَنْتَ مِنْ مَلِك ما اَعْدَلَكَ، حَيْثُ طابَقَ صُنْعُكَ ما فَطَرْتَ عَلَيْهِ الْعُقُولَ، وَوافَقَ حُكْمُكَ ما قَرَّرْتَهُ فِي الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى تَقْديرِكَ الْحَسَنِ الْجَميلِ، وَلَكَ الشُّكْرُ عَلى قَضائِكَ الْمُعَلَّلِ بِاَكْمَلِ التَّعْليلِ، فَسُبْحانَ مَنْ لا يُسْأَلُ عَنْ فِعْلِهِ، وَلا يُنازِعُ في اَمْرِهِ، وَسُبْحانَ مَنْ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ قَبْلَ ابْتِداءِ خَلْقِهِ، وَالْحَمْدُللهِ الَّذي مَنَّ عَلَيْنا بِحُكّام يَقُومُونَ مَقامَهُ لَوْ كانَ حاضِراً فِي الْمَكانِ، وَلا اِله اِلاَّ اللهُ الَّذي شَرَّفَنا بِاَوْصِياءَ يَحْفَظُونَ الشَّرايِعَ في كُلِّ الْاَزْمانِ، وَاللهُ اَكْبَرُ الَّذي اَظْهَرَهُمْ لَنا بِمُعْجِزات يَعْجَزُ عَنْهَا الثَّقَلانِ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِاللهِ الْعَلِىِّ الْعَظيمِ، الَّذي اَجْرانا عَلى عَوائِدِهِ الْجَميلَةِ فِي الْاُمَمِ السّالِفينَ، اَللّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ وَالثَّناءُ الْعَلِىُّ كَما وَجَبَ لِوَجْهِكَ الْبَقاءُ السَّرْمَدِىُّ، وَكَما جَعَلْتَ نَبِيَّنا خَيْرَ النَّبِيّينَ، وَمُلُوكَنا اَفْضَلَ الْمَخْلُوقينَ، وَاخْتَرْتَهُمْ عَلى عِلْم عَلَى الْعالَمينَ، وَفِّقْنا للِسَّعْىِ اِلى اَبْوابِهِمُ الْعامِرَةِ اِلى يَوْمِ الدّينِ، وَاجْعَلْ اَرْواحَنا تَحِنُّ إلَى مَوْطِئ اَقْدامِهِمْ، وَنُفُوسَنا تَهْوِى النَّظَرَ اِلى مَجالِسِهِمْ وَعَرصاتِهِمْ، حَتّى كَاَنَّنا نُخاطِبُهُمْ في حُضُورِ اَشْخاصِهِمْ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سادَة غائِبينَ، وَمِنْ سُلالَة طاهِرينَ، وَمِنْ اَئمَّة مَعْصُومينَ، اَللّهُمَّ فَأذَنْ لَنا بِدُخُولِ هذِهِ الْعَرَصاتِ الَّتي اسْتَعْبَدْتَ بِزِيارَتِها اَهْلَ الْاَرَضينَ وَالسَّماواتِ، وَاَرْسِلْ دُمُوعَنا بِخُشُوعِ الْمَهابَةِ، وَذَلِّلْ جَوارِحَنا بِذُلِّ الْعُبُودِيِّةِ وَفَرْضِ الطّاعَةِ، حَتّى نُقِرَّ بِما يَجِبُ لَهُمْ مِنَ الْاَوْصافِ، وَنَعْتَرِفُ بِاَنَّهُمْ شُفَعاءَ الْخَلايِقِ اِذا نُصِبَتِ الْمَوازينُ في يَوْمِ الْاَعْرافِ، وَالْحَمْدُ للهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذينَ اصْطَفى مُحَمَّد وَآلِهِ الطّاهِرينَ.

ثمّ قبّل العتبة وادخل وأنت خاشِع باك فذلك إذن منهم صلوات الله عليهم أجمعين في الدُّخول".

حنين ينادي إلى أرض المدينة المنورة حيث تضمنت الجثمان الطاهر لنبي الرحمة ﷺ فكل من يذهب بقلبه وجسده يرى الطمأنينة والسكينة، وينسى حياته التي يحويها أوجاع وهموم الحياة الفانية.

طائر الشوق يأخذنا ونحن في مشاهد الزيارة إلى التفكر كيف نركن حقا في ظلال المصطفى ﷺ ونودع مشاغل الحياة التي تصرفنا عن جوارهم الجسدي والمعنوي.

السلام على سيد الأنبياء محمد ﷺ.

السلام على البضعة المحمدية سيدة الكونين .

السلام على أئمة البقيع الهداة الأطهار.

إن قطع المفاوز والغفار ليس شاق لمن تذوق لذة القرب من النفوس الطاهرة المعصومين .

تتلاشى الغربة والوحدة لكل زائر رحل بفكره ومشاعره الصادقة نحو طيبة الطيبة.

كم أغبط من جاور النبي الأكرم ﷺ وهو يسير على خطى المهاجرين والأنصار.

خذيني دموع الشوق إلى الروضة الشريفة كي تعانق روحي دواءها الناجع.

القلب يطير إلى الروضة المباركة قبل البصر، والروح تطوف حولها قبل الجوارح، والنفوس تهوى العيش فيها مدى الحياة.

ترتعد الأطراف، ويهتز القلب للدخول للروضة الشريفة، إذ كأننا نقبل في هذه البقعة الطاهرة على مشاهد ساحة المحشر.

فيا رب اكتبنا في هذه الروضة الطاهرة، وشفع سادات الخلق في عرصات القيامة بنا لنكون برفقتهم في جنة الخلود.

أنس وارتياح بسيد الخلق وآله الطاهرين باق في الروح على مدى العصور والأزمان.

والحمد لله رب العالمين.

بكالوريوس علم اجتماع
ماجستير في علوم القرآن الكريم