مفهوم جديد للخيانة الزوجية
كلنا نعرف أن الخيانة هي أن تكون هناك علاقة عاطفية للرجل أو للمرأة مع طرف أخر خارج إطار الزواج، ولكن هناك مفهوم جديد للخيانة لم يتكلم به أحد، ولم يذكر في الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، ولكن ذكره الله تعالى في القرآن الكريم، وذلك عندما وصف زوجتين من أزواج الأنبياء بأنهما خانتاهما وهما زوجة نوح ولوط عليهما السلام، قال تعالي ﴿ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا فخانتاهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين﴾.
فهذا الوصف للخيانة يختلف تماما عن المفهوم المعروف عندنا في الخيانة الزوجية بعلاقة عاطفية مع الآخر، فما هو هذا التعريف الجديد للخيانة؟ أما زوجة نوح فقد أصرت على كفرها وهي تعلم أن زوجها نبي ولم تنصره وتأيده في دعوته للحق، وأما زوجة لوط فقد خالفت أمر الله والتفتت ورائها لتشاهد عذاب قوم لوط فهلكت وهي لم تناصر زوجها في دعوته للحق وتأيده، على العكس تماما مع امرأة فرعون التي خالفت أمره ولم تأيد ظلم زوجها والباطل الذي يدعوا له فرفضت كذبه وآمنت بالله تعالى وطلبت بيتا في الجنة، ﴿قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة﴾ للنجاة من زوجها الظالم ولم يصف الله موقفها بالخيانة على الرغم من مخالفة زوجها،
فكل واحدة من هؤلاء الزوجات الثلاث مستقلة فكريا وإيمانيا عن زوجها، ومخالفة له ومتناقضة معه، إلا إن الله وصف الزوجتين الكافرتين بالخيانة ولم يصف زوجة فرعون بذلك.. لماذا؟
فهل الخيانة فقط خيانة جنسية؟ أبدا.. فالأنبياء معصومة فرشهم عن الزنا، فأين الخيانة هنا؟ وما هو مفهومها؟ فالخيانة هنا هي «الخذلان وعدم النصرة وعدم الوقوف مع الحق»، والزوج يتوقع من زوجته أن تنصره وتؤيده عندما يكون على الحق، وهذا المعنى لا يتم تداوله أو ذكره اليوم، ولهذا كانت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها أول من دعمت زوجها رسول الله عندما جاءها خائفا مرتجفا بعدما نزل عليه الوحي فكانت أول من أسلم، وإسلامها كان دعما له في دعوته للحق، أما امرأة فرعون لو سايرت زوجها وأيدته في اجرامه وكفره لكانت خائنة لنفسها وربها، ولكنها لم تكن كذلك ولهذا وصف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أسيا زوجة فرعون وخديجة أم المؤمنين رضي الله عنهما أنهما من خير نساء العالمين بعد مريم ، وبعدهما فاطمة بنت رسول الله ﷺ
فالزوجة التي تخذل زوجها عندما يكون على الحق فلا يقتصر أثرها على نفسها بل يمتد على أولادها، فزوجة نوح ظهر تأثيرها على أولادها، فابنه رفض أن يركب معه في سفينة النجاة وغرق في البحر، وزوجة لوط كان تأثيرها واضحا على قومها عندما لم تنكر شذوذهم وانحرافهم واعتبرت زوجها متشددا على الرغم من أنها هي عجوزة كبيرة كما وصفها الله ﴿إلا عجوزا في الغابرين﴾، فهذا مفهوم جديد لمصطلح الخيانة الزوجية ليس له علاقة بالعلاقة العاطفية أو الجنسية، وهذا معنى مهم علينا التفكر والتأمل به حتى لا ننجرف بما تروجه الوسائل الإعلامية من مصطلحات قد تدمر الأسرة.