الاحتراق الوظيفي.. هل احترقت أم لازلت قيد الاحتراق!
كثير من الموظفين لا يشعر بأنه دخل مرحلة الاحتراق الوظيفي ولا يعلم بأنه أصبح يحترق..
قليل من المزايا والمستحقات التي هي حق للموظف، يقابلها كثير من الواجبات التي هي من حق جهة العمل.
حالة الملل والضجر والروتين السائد الذي يصيب الموظف جراء اعتياده على واجباته اليومية التي يؤديها عملا في الجهة التي يعمل بها، مما تؤدي به إلى فقد الحافز الذي يجعله يمنح ويعطي ويتقدم نحو الأمام بتطلعات جديدة تجود العمل، وتخلق بيئة منتجة يستفيد منها الموظف العامل وجهة العمل، وتتحسن بها الخدمات التي تقدمها المنشأة أن كانت حكومية أو خاصة.
قلة الحوافز المعنوية والمزايا المالية والعمل الدوري، هي أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى الاحتراق الوظيفي بالموظف لغاية التوقف عن الشعور بالشغف في بيئة العمل.!
قلة التدريب والتعليم الدوري، الأسبوعي أو الشهري للموظفين لكسر حاجز الروتين، الذي يدخل به الموظف، وإدخال مواد تعليمية تدريبية جديدة تمنح الموظف رغبة في التقدم وظيفياً وعدم الرغبة في تقدم المنشأة.
بيئة العمل كلما كانت محفزة رائعة عادلة ومنصفة في منح الموظف الترقية، ومنح الموظف أبسط حقوق المهنة والوظيفة، من بيئة عمل ممتعة فيها كافة أنواع الرفاهية من مقعد ومكتب ومتطلبات العمل جميعها حاضرة وموجودة، ومن ثم النظر في الترقيات والنظر في خلق الحوافز المالية، مما يجعل الموظفين كافة يتسابقون في عطائهم وجهودهم الوظيفية لرفع نتاج بيئة العمل للأعلى ومن ثم تقدم المنشأة.
متى ما كان المدير العام للمنشأة مديراً قيادياً يدير منشأة لها أثرها الحقيقي في المجتمع والوطن، فإن له مزايا وبصمة في منشأته، وأولها سياسة الباب المفتوح مفتوحاً، ويسعى للتجول بين موظفيه، والوقوف على مشاكلهم ومتطلباتهم بشكل مستمر ودائم، مما يخلق بيئة عمل ممتازة ولها أثر حقيقي في الجودة في الإنتاجية.
أي خلق التمايز بين الموظفين بالمحسوبية ومنح الترقيات ومنح الوظائف والحوافز المالية وغيرها من الحوافز والمزايا؛ مما يجعل الموظف يتقدم بخطى سريعة نحو الاحتراق الوظيفي، ومما يجعله يحترق معنوياً بالأول قبل وصوله لنشوة الاحتراف الوظيفي، والذي يقوده للتمرد على أنظمة الوظيفة وقوانينها، ومما يمنحه فرصة للتقاعس، وتقديم خدمات ناقصة أو خدمات غير جيدة من الأساس.
بطاقة الاحتراق الوظيفي يصل له الموظف بعد سنوات عطاء وشغف وجهد مضن، ولكن اصطدام الموظف مع إدارته المباشرة في طلب الترقية، أو طلب بعض الحقوق، أو عدم التجاوب مع متطلبات العمل التي يرفعها الموظف يجعل الموظف يبدأ بالدخول لاشعورياً لمرحلة الاحتراق الوظيفي الذي فيه يفقد الموظف الرغبة التغيير، والبقاء على حاله موظف عادي جداً لا يحمل أي تطور ولا تقدم، ولا يقبل بالتدريب، ويبدأ في التسابق مع الوقت للخلاص من الوقت الوظيفي اليومي، أو التحايل للانتهاء منه بالاشتغال بأشياء أخرى تمنحه فرصة الهروب من العمل الحقيقي، والنهاية هي أن المنشأة تبدأ بالخسارة تدريجياً، ومن يقل نتاجها وما تقدمه للعملاء يبدأ في التقلص، وحتى تصل الخدمة للصفر بلا استشعار إدارة المنشأة أين هو الخلل.
متى ما كان المدير المباشر هو الأقل كفاءة وأقل شهادة وأقل خبرة من الموظف الذي يرأسه، فمن الطبيعي شعور الموظف بالمظلومية، أو شعور الموظف بعدم وجود العدالة الوظيفية التي تمنح موظفيها التقدم والترقيات بطرق نظامية وقانونية، ومن الطبيعي وصول الموظف لمنطقة باهتة بحيث لا يعي ولا يسمع ولا يرى ما قد يتحدث به رئيسه المباشر، كون الموظف يرى نفسه الأكفأ والأجدر في نظام الشهادة والكفاءة والجودة، بينما رئيسه يبقى رئيساً؛ لأن لديه علاقة طيبة ومباشرة مع الإدارة التي ترأس هذه المنشأة والمنظمة.
بلا شك وصول عدد كبير من الموظفين لحالة الاحتراق الوظيفي أمر طبيعي حينما تكون المنشأة محترقة من الأساس، وتتعاقب عليها إدارات محترقة من الأساس قبل قيادتها المنشأة، فترى الموظفين تدريجياً يدخلون مرحلة الاحتراق الوظيفي والتقاعس عن أداء دورهم الوظيفي اليومي منا يؤدي لأنهيار المنشأة، وانهيار خدماتها، وتُصبح عالة وعلة.
بلا شك من أحد العوامل المهمة في الدخول للاحتراق الوظيفي هي عدم وجود بيئة عمل مكتملة الأدوات والأثاث، كأن يؤدي الموظف عمله واقفاً على قدميه 9 ساعات باليوم، وعدم وجود مكتب لتأدية الواجبات الوظيفية اليومية، التحايل على الموظف بأداء واجباته اليومية بما يتوفر من أدوات خاربة ومتكسرة وبيئة منهارة جداً، فماذا نستطيع طلبه من الموظف بعد ذلك أن كان مقعده الذي يقعد عليه متكسر، أو غير موجود
أو عدم وجود تكييف من الأساس في بيئة عمل خدمية تمنح خدماتها بالمجان لعملائها كالمستشفيات، والمصحات النفسية، والتي تتطلب من الموظف التركيز والعمل الدؤوب والوعي التام لأداء مهامه اليومية والوظيفية، التي تخلق فارقاً في الخدمة والجودة.
نعم تقدم بطاقة الاحتراق على طبق من فضة، وبالنهاية هي خسارة كبيرة على الجميع المنشأة والموظف والمجتمع والوطن.
أنت عزيزي القارئ هل احترقت وظيفياً أم لازلت قيد الاحتراق؟