آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 9:28 م

لا تخف من أن تسأل أسئلة ”حساسة“ لكن اختر صيغة السؤال الملائمة

عدنان أحمد الحاجي *

12 مايو 2023

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 142 لسنة 2023

Don”t be afraid to ask "sensitive" questions

May 12,2023

مخاوفنا من أن نسأل أسئلة، والتي تبدو أمرًا حساسًا جدًا أو شخصيًا بامتياز، غالبًا ما تُضخم ويبالغ فيها. بعد إعادة صياغتها بأسلوب صحيح، قد تؤدي إلى قرارات أفضل وعلاقات اجتماعية أقوى.

لاتخاذ بعض أهم القرارات في الحياة، غالبًا ما نحتاج إلى طرح أسئلة حساسة - وهي تلك الأسئلة التي تتطرق إلى قضايا يحتمل أن تكون حساسة كقضايا تتعلق بالشؤون المالية أو التاريخ الشخصي للمسؤول. على سبيل المثال، عند اتخاذ قرار بقبول ترقية على وظيفة في العمل، قد يكون من المناسب أن تسأل زملاء العمل عما تستلزم تلك الوظيفة «أو راتب تلك الوظيفة»، وعند اتخاذ قرار بشأن انتقالك للسكن في حي سكني معين، فمن المفيد أن تعرف إيجار السكن في ذلك الحي من سكان ذلك الحي. لكن معظم الناس يتجنبون طرح أسئلة تبدو فجه «غير مؤدبة» أو تطفلية «فضولية»، خوفًا من الإساءة للآخرين.

البحث الذي أجرته إيناڤ هارت Einav Hart، الأستاذ المساعد للإدارة في كلية إدارة الأعمال بجامعة جورج ميسون George Mason، يبين إلى أي مدى يمكن أن يمتد هذا التردد في الاقدام على السؤال. ورقتها البحثية التي نشرت عام 2020 في دورية السلوك التنظيمي وعمليات اتخاذ القرار البشري Organizational Behavior and Human Decision Processes «التي شارك في تأليفها موريس شفايتزر Maurice Schweitzer من جامعة يوتا» [1]  وجدت أنه حتى عندما عُرضت مكافأة مالية للجرأة على طرح أسئلة حساسة «على سبيل المثال، ”هل سبق لك أن ارتكبت جريمة؟“»، لم يتجرأ معظم الناس على الإقدام على ذلك. المشاركون في الدراسة الذين طرحوا أسئلة حساسة توقعوا أنهم سيظهرون فظين «غير مؤدبين» ويتركون خلفهم انطباعًا سيئًا، لكن تبين أن مخاوفهم كانت مبالغة. حساسية أو عدم حساسية الأسئلة لم تُحدث أي فرق في الانطباع الذي يتركه سائل السؤال الحساس عنه. وتخلص هارت إلى أن ”الناس غالبًا ما يبالغون في تقدير تكاليف طرح الأسئلة الحساسة ويترددون جدًا في طرحها“.

لكن حقيقة أن الناس لا ينزعجون «لا تُثار حفيظتهم» دائمًا بسؤالهم أسئلة حساسة لا يضمن أنهم سيجيبون عليها اجابة صادقة. في الواقع، قد يكون أحد الأسباب التي تجعل الأسئلة الحساسة غير مزعجة لمن تُطرح عليه تلك الأسئلة «المسؤول» هو أنه يمكن في كثير من الأحيان للمسؤول أن يحجب المعلومات عن السائل أو يكذب عليه - وهو أمر مفيد بشكل خاص عندما يكون هناك احتمالية كبيرة في أن تكون المعلومات المطلوبة فاضحة لسر محرج أو تُؤدى إلى ادانته في المحاكم.

بحث آخر أجرته هارت يثبت أن احتمالية صدق الإجابات على الأسئلة الحساسة يمكن أن تكون على قدْر اسلوب صياغة الأسئلة. ورقتها البحثية التي نشرتها عام 2022 في دورية الرأي المعاصر في علم النفس Current Opinion in Psychology «شاركت في تأليفها مع إيريك ڤان إيبس Eric M VanEpps [2]  دمجت البحث في ادارة الخداع والحوارات والانطباعات للحصول على أفكار معمقة في كيف يكون ذلك مفيدًا. تزعم هارت بأن الأسئلة لا تساعد فقط السائلين على جمع المعلومات، بل أيضًا توحي بمعلومات عن السائل نفسه: معلومات عن مستوى معرفته وافتراضاته وتفضيلاته. تؤثر هذه القرائن في الإجابات التي نحصل عليها، وما إذا سنحصل على أي إجابة على الإطلاق.

على سبيل المثال، الأسئلة الإرشادية أو الأسئلة التي يبدو أنها تفترض ضمنًا ماذا يجب أن تكون الإجابة ”الصحيحة“ على السؤال، غالبًا ما يُفهم من هذه الأسئلة أنها اسئلة تفترض بشكل واضح الحصول على اجابة محددة وتدفع نحوها، بحيث لا تكون باعثة على الصدق في الجواب. لو سألت موظفًا أو زميلًا لك في العمل: ”لقد أنجزت عملك، أليس كذلك؟“ هذا الإيحاء بأن العمل قد أُنجز بالفعل يضع ضغطًا خفيًا قد يدفعه إلى أن يخبرك بما تود أن تسمعه منه، لا أن تسمع منه ما هو الواقع. يمكن للصيغ الأخرى من الأسئلة الملغومة أن تحد ضمنيًا من نطاق الردود المقبولة «على سبيل المثال، ”ما مدى رضاك عن مستوى راتبك والمزايا التي تحصل عليها في هذه الشركة؟“»، أو فرض أسئلة بسيطة جدًا اجابتها مؤطرة ب نعم / لا عن موضوع معقد / مركب «مثًلا، ”هل تعاني من ألم اليوم؟“».

اسأل أسئلة مفتوحة [أي أسئلة تحتاج إلى اجابة مفصلة لا اجابة مقتصرة على نعم / لا] وغير متحيزة لا تشير إلى افتراضاتك الخاصة. تحتاج إلى ”تطبيع“ المواضيع التي يحتمل أن تكون موصومة، والإشارة إلى أن جميع الإجابات مقبولة. يساعد هذا الأشخاص الذين يُطرح عليهم السؤال على الشعور براحة أكبر في الكشف عن المعلومات التي يُحتمل أن تكون حساسة".

تنصح هارت، ”اسأل أسئلة مفتوحة وغير مبطنة أو ملغمة لا توحي بافتراضاتك الخاصة. تحتاج إلى تطبيع المواضيع التي يحتمل أن تكون محل وصم اجتماعي [مثل الاضطرابات النفسية ومستوى التعليم والعلاقات غير الشرعية وما إلى ذلك»، والإيحاء بأن جميع الإجابات مقبولة. يساعد هذا التوجه الأشخاص الذين طُرحت عليهم الأسئلة على الشعور براحة كبيرة في الكشف عن المعلومات التي يُحتمل أن تكون حساسة“. يمكن أن تكون صياغة السؤال كالتالي: ”ما طبيعة الألم الذي تعاني منه اليوم، إن كان لديك ألم؟“ بالإضافة إلى ذلك، يمكنك محاولة دمج المواضيع الحساسة في مواضيع أقل حساسية.

عندما يكون التعامل مع فني، مثل ميكانيكي سيارات أو سباكة، يتجنب الكثير من الناس طرح أسئلة عليه، خوفًا من أن يؤدي انكشاف جهل السائل إلى دعوة الفني إلى استغلال هذا الجهل واستغفال الزبون. على سبيل المثال، وفرض سعرًا أعلى على الزبون الذي يعتقد أنه لا يملك خبرة في موضوع الشغل. توصي هارت بإجراء القليل من البحث في طبيعة المشكلات الشائعة على الانترنت قبل طلب مساعدة الفني حتى يكون الشخص ملمًا بالموضوع ولا يكون عرضة لاستغلال الفني وطلب سعر أعلى مما تستحق الشغلة «بالموضوع» - يكفي فقط أن تطرح عليه أسئلة أفضل ومستنيرة [كاشفة على أن الزبون ملمٌ بالموضوع]. طرح أسئلة محددة مثل، ”متى أحتاج أن أغير إطارات هذه السيارة؟“ «مقارنةً ب ”هذه الإطارات معمرة، أليس كذلك؟“» توحي بأنك عارف بالموضوع وملم به وتزيد من فرص أخذ سؤالك على محمل الجد وعلى احتمال أن تتلقى ردودًا صادقة.

في مقابل مخاوفنا المبالغ فيها بشأن أسئلتنا الحساسة، وجهة نظر هارت في البحث أنه عندما تُطرح الأسئلة بالأسلوب الصحيح، بإمكان هذا النوع من الأسئلة في الواقع أن تقوي الروابط بين الناس. على سبيل المثال، خلال المراحل المبكرة من العلاقة الزوجية، يمكن أن تكون الأسئلة الحساسة وسيلةً للتعمق أكثر في الموضوعات التي تتكشف بشكل طبيعي أثناء الحوار بين الزوجين، وبالتالي بناء علاقة وثقة أقوى بين الزوجين.

تقول هارت: ”على الرغم من أن الأسئلة الحساسة قد تبدو فجة، إلا أنها قد تشير أيضًا إلى اهتمام السائل بالشخص المسؤول“. ”طرح السؤال الصحيح بالأسلوب الصحيح من شأنه أن يمكِّن السائل من رفع مستوى احتمالية حصوله على الإجابة الصادقة بالإضافة إلى تحسين علاقاته“.