سَبْعُ بناتٍ ووَلد
أنجبت فاطمة سَبْعُ بناتٍ يتوسطهن ولد.
كان هذا الولد يتحدى حتى الموت أن يقترب لأخواته، عاش بين محسنٍ لهنّ وظالم لنفسه. لايشعر إلّا بمشاعرهن ولا ينظر إلّا بعيونهن، أنجبته أمه بعد ثلاث بنات فكان الأب الرحيم والأخ المطيع احتراما وتقديرًا لهن أما من تصغره من الأُخريات فسبيله العطف والحنان.
كانت أخته الصغيرة تفلت من بين يديّ أمها وتهرب مُتجهة إلى حضنه حيث الملاذ من عقوبة الأم. وما أن تناديه أخته الكبرى إلا هبّ رياحًا؛ استجابة لطلبها.
وهنا وُلدت حكايةُ أخ استحق أن يصنع اليوم العالمي للأخ؛ لأنه جدير بالاحتفاء به، وحقّ على أخواته أن يعترفنْ بوجود سند قويّ في حال ظهور العقبات أو المصائب في ساحتهن الحياتية.
الأخ أُحْجية تُفكُّ رموزها في موقف يتلوه موقف، حتى تكتمل صورته، لايبتعد عن أجواء أخته وإن ابتعد فهو لايكف عن السؤال والمراقبة.
وبما أن الإنسان من أسمى المخلوقات عنصرًا وتكوينا كان لابد أن يكون أفضل من الغراب الذي وارى جسد أخيه.
وما كان قوله تعالى:
﴿قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِأَخِي وَ أَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ «سورة الأعراف: 151»
إلّا إشارة لقوة الدم التي لايمكن أن يتحول فيها الدم إلى ماء، بل يظلّ عاشقا يلتمس المتعة في الحفاظ على تلك الرابطة القويّة.
وإذا كان بعض الإخوة يولدون وهم لايرون بأعينهم أخواتهن اللاتي يعشن في ظلام الحياة فربما كان ذلك نِتاج تغليب قوة الولد في الأسرة وامتهان حق البنت، عند ذلك لابد من صياغة الفكر الإنسانيّ من جديد وقد يستغرق ذلك دهرًا.
أمّا إذا احتضن الولدُ حبّ أخواته البنات منذ ولادته فإنّه تقلّد الواجب الأسمى فكانت زيارته لأخته والاطمئنان على أحوالها وظيفة من وظائفه التي لاعدّ ولاحصر لها في الحياة.