آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 7:35 م

تضاؤل النجاح

محمد أحمد التاروتي *

ضمان النجاح عملية أساسية لتجاوز المصاعب والخسائر، فالنجاح يعتمد على التخطيط المدروس، واختيار الفريق المؤهل لتطبيق الخطط المرسومة، بالإضافة إلى وجود الإدارة القادرة على تحريك الأمور في الاتجاهات المناسبة، فضلا عن تخطيط الموارد المالية المناسبة لتخطي الصعوبات، التي تعترض الطريق، وبالتالي فإن رسم طريق النجاح يتطلب الكثير من الجهد، وأحيانا يحتاج على جهود واستعدادات كثيفة، للتخلص من المخاوف وتجاوز المفاجآت غير المحسوبة.

الخطوة الأولى عنصر أساسي في طريق تحقيق النجاح، فإذا كانت وفقا للخطط المرسومة، فإنها ستقود على الطريق الصحيح، فيما ستكون النتائج وخيمة بمجرد الاعتماد على ”الحظ“، في انتهاج طريق النجاح، لا سيما وأن الأعمال على اختلافها تتطلب الكثير من الدراسات، والاستمرار في الابتكار، سواء من ناحية إيجاد الحلول لمختلف التحديات الحالية، أو العمل على رسم خارطة طريق لتجاوز العراقيل المستقبلية، وبالتالي فإن خطوة البداية الواثقة تفتح الطريق أمام النجاح في الغالب، نظرا لوجود عناصر قادر على خلق الظروف المناسبة، لتحديد المسارات السليمة في الحياة.

المخاوف من الفشل، وهواجس السقوط، تارة تكون عنصرا دافعا للبحث عن الوسائل القادرة على الاختيار المناسب، وتارة أخرى تحدث أثرا سلبيا من خلال تعظيم تلك المخاوف، مما يحدث بعض الشلل في التفكير، ومن ثم فإن توظيف المخاوف بالاتجاه السليم، يساعد في وضع الأمور في المسار المناسب، خصوصا أن المخاوف النابعة من الرغبة في النجاح، لا تشكل عائقا على الإطلاق بقدر ما تسهم في البحث الدائم عن الحلول العملية.

تضخيم الخطوات المتعثرة في بعض الأعمال، لا يصب في مصلحة العناصر الباحثة عن النجاح، خصوصا وأن العثرات تكون ضريبة طبيعة في الكثير من الأعمال، فهذه الإخفاقات قادرة على إزالة الكثير من الضبابية عن طريق النجاح، لا سيما وأن التعثر يكشف الأخطاء، ويساعد في البحث عن الحلول، وكذلك تجنب ارتكاب تلك الأخطاء في المستقبل، ”لا يلدغ المرء من حجر مرتين“، بمعنى آخر، فإن الهروب وعدم الإصرار على مواصلة الطريق، بمجرد السقوط لا يخدم أصحاب الهمم العالية، وإنما يصب أصحابها بمقتل، الأمر الذي يحول دون ركوب قطار النجاح في الحياة، ”فاز باللذات من كان جسورا“.

القراءة السليمة للأمور ومحاولة التحرك وفق المعطيات المتوافرة، وكذلك عدم الالتفات إلى الأصوات الخائفة، عناصر أساسية في تحويل المخاوف من الفشل إلى خطوات عملية، في طريق التقدم وتحقيق النجاحات، خصوصا وأن الكثير من المخاوف ليست واقعية، إذ سرعان ما تتلاشى عند الإقدام عليها، وبالتالي فإن الحواجز النفسية تشكل عائقا كبيرا، في طريق النجاح لدى البعض، الأمر الذي يستدعي التحرك وفق قناعات راسخة بعد استخدام الوسائل العلمية، والعملية بعيدا عن العشوائية والارتجالية في اتخاذ القرارات.

السيطرة على الحواجز النفسية عامل حيوي في طريق النجاح، فالمغامرة تلعب دورا كبيرا في صعود سلم النجاحات على الصعيد الحياتي، خصوصا أن هناك فرصا لا تتكرر على الإطلاق، مما يستدعي الإقدام واتخاذ القرارات في الأوقات الحاسمة، حيث يمثل التردد وتجنب المغامرة خسارة كبرى، يصعب تعويضها على الإطلاق، بيد أن الاعتماد على المغامرة دون وضع الخطط المرسومة، ينم عن قصور في التفكير العقلاني، خصوصا وأن الأعمال تتطلب تفكيرا متزنا بعيدا عن الفوضوية في القرارات.

الإصرار على تحقيق النجاح والحرص على الاختيار المناسب، والاعتماد على التوقيت المثالي، تكون نتائجه على الصعيد الشخصي، حيث يترجم في المزيد من التقدم، واحتلال مواقع متقدمة في مختلف المجالات الحياتية، بحيث تتحول تلك الشخصيات إلى نماذج قادرة على شحذ الهمم، لدى مختلف الشرائح الاجتماعية، خصوصا وأن العناصر الفاشلة لا تشكل أرقاماً في البيئة الاجتماعية، فيما تركز الأنظار على الشخصيات الناجحة، الأمر الذي ينعكس بصورة مباشرة على طريق التعامل، مع تلك الشخصيات، وكذلك محاولة اقتباس جزء من تجاربها الحياتية.

كاتب صحفي