آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

الخليج وتفكيك المعادلات الصعبة

أثير السادة *

كثيرون تعاطفوا بالأمس مع انتصار الخليج الكبير على منافسه مضر، بنتيجة عريضة لخصت مشاكل الأخير التي حملها معه من الموسم الماضي دون معالجة من جهة، والإعداد والتجهيز الجيد للموسم لدى الخليج من جهة أخرى، هذا التعاطف كان واضحا في التغريدات والتعليقات التي أعقبت المباراة، والتي جاء بعضها من مناصري الفرق المنافسة، ومرد ذلك الإحساس بقيمة هذا للقب وحاجة الخليج إليه بعد الانقطاع الطويل عن منصات التتويج، فهذه البطولة هي التي عرفت بالخليج محليا، منذ أول مشاركة تحصل فيها على المركز الثاني، واستمر بعدها ليصبح الرقم الصعب، فإذا كان الأهلي هو الأوفر حظا في حصد ألقاب هذه البطولة، فإن الخليج هو أكثر الفرق مطاردة للبطل بلحاظ حضوره كأكثر فريق تحصل على المركز الثاني فيها.

أكثر من عقدين من الزمن هي مدة الغياب عن نيل البطولة الأعز في مسيرة الخليج، إلا أن ذلك الغياب لم يفقد الخليج الأمل باستعادة هوية البطل، وتجاوز المنافسين الذين صنعوا بصعودهم معادلة جديدة في مشهد كرة اليد، لم تعد الأرض منذ التسعينات تهتف للخليج وحده، بعد تقدم النور في مطلع ذلك العقد، ودخول مضر في مضمار السباق مع الألفية الجديدة، إلى جانب الأهلي والوحدة وهما من الخصوم التاريخيين في هذه اللعبة.

ليست الأرقام والإحصائيات وحدها من يؤكد على استثنائية الحدث ليلة البارحة، بل حتى الحضور الجماهيري الذي يصر على كتابة قصائده على هوامش المباريات، حيث جمهور الخليج ينظر إلى التشجيع كعنوان من عناوين استعراض القوة، والتذكير بهذه العلاقة التاريخية بين جمهور الخليج وكرة اليد، كل شيء في مشهد التشجيع كان يعبر عن تلك الرغبة، من الوصول المبكر لموقع المباراة، إلى التحشيد عبر الأهازيج والأغاني المتجددة، وقبل ذلك المواظبة على الحضور الكثيف في جميع مباريات الموسم، الأمر الذي استدرج الجماهير الأخرى إلى التنافس على ملأ المقاعد في المباريات الحاسمة.

لم تكن الأمور محسومة بالتمام ليلة البارحة، خاصة مع وجود فرصة للنور وأخرى لمضر لتمديد الموسم والدخول في جولة جديدة من المباريات لحسم البطل، إلا أن رتم المباريات الأخيرة وإيقاعها كان يشير إلى المسافة التي أصبحت متاحة بين الخليج ومنافسه مضر، وهي المسافة التي جاهد الخليج لتوسيعها منذ انطلاقة الموسم، عبر التعاقدات والإعارات والتركيز على إيجاد دكة متكاملة كفيلة بإمداد الفريق باحتياجاته من اللاعبين في مختلف الظروف.

استطاع الخليج أن يستقطب وجوها سبق وأن عرفت الطريق إلى البطولات، من أمثال حسين الصياد وماجد أبوالرحي ومحمد سالم، وأن يعضدها بوجوه شابة مؤثرة من قبيل صادق المحسن، ورامي المطيري، إضافة إلى المحترف الصربي الذي أظهر انسجاما كبيرا مع الفريق منذ البدايات، وهو ما أتاح للفريق توليفة حيوية من الوجوه الشابة والخبرة، أسست لصورة الخليج الجديدة بعد سنوات من الرهان على مخرجات النادي من اللاعبين.

كانت الإشارات الأولى لانبعاث خليج جديد واضحة مع نهاية الموسم الماضي، والرغبة في الإبحار باتجاه لقب جديد تراود الفريق والجمهور على حد سواء، لم يكن البناء سهلا، ولا الطريق سالكا، إلا أن الظروف منحت الخليج فرصة ثانية وثالثة، ليعيد ترتيب أوراقه، ودوزنة إيقاع الفريق، ليكتب بيانه الجديد، الذي يعلن فيه أن الخليج فريق مازال ينطق بلغة كرة اليد.

أمام الخليج اليوم استحقاقات قادمة، لا يمكن الجزم بقدرته على حسمها لصالحه دائما، إلا أن الأكيد أنه امتلك مفاتيح خزائن البطولات، وأصبح قريبا من استعارة الصورة التاريخية للنادي الأهلي، كغريم وخصم لا يعرف إلا مهارة الفوز..