آخر تحديث: 26 / 11 / 2024م - 4:02 م

الشيخ منصور الجشي

زكي بن علوي الشاعر

الشيخ منصور الجشيكنتُ أردتُ أن أكتب في سماحة العلامة: الشيخ منصور الجشي؛ فقد أخذت عنه فوائد علمية، وهو على المنبر، أو في مجالس ضمتنا.. ولٰكن ما أكسلني! عندي مما أكتب فيه الكثير، ولديَّ ممن قد أكتب في شئونهم وأحوالهم كثر! ولم أكتب فيها، ولم أكتب فيهم، وليس لي عذر يقبل - إلا الكسل! - وما أقل من يقبل الاعتذار بالكسل!!

ما جعلني أكتب هٰذه المرة في الشيخ منصور - نصره الله تعالىٰ! - أن لي رأيًا قديمًا في إعراب كلمة جاءت في قصيدة للشيخ صالح الكواز الحلي - رحمه الله تعالىٰ! - وطرحته في مجلس شيخنا الأستاذ الكبير: الشيخ محمد سعيد الخنيزي - متعنا الله بطول بقاه في صحة وعافية! - وكان الشيخ يريد أن يستعد لصلاة المغرب - وما أشد عنايته بالصلاة وغيرها من العبادات! ولعل هٰذا يعود إلىٰ تربية رجل عظيم.. هو الإمام الخنيزي رحمه الله تعالىٰ! - فرفعت الجلسة، وقد وعدني الشيخ المنصور الجشي أن يأتيني بإعراب الكلمة!

كان إعرابي صحيحًا؛ ولٰكن لم يكن مرادَ الشيخ الكواز - رحمه الله تعالىٰ! - وقد راجع الشيخ المنصور القصيدة، وتأملها جيدًا، وأرسل إليَّ بالسياق الذي تُعْرَبُ تلك الكلمة، بما يوفاق المعنى الذي أراده صاحب القصيدة رحمه الله تعالىٰ!

ولا يخفىٰ عليك أن الإعراب الذي يوافق المعنى الذي أراده صاحب النص الأدبي مقدم على الإعراب الذي لا يوافق المعنى المراد، وأن الإعراب يفتح لك باب المعنى الموصد؛ فجزى الله عني سماحة الشيخ منصور الجشي الذي يوافق اسمه لقبًا للنبي وصاحب العصر والزمان - صلى الله عليهما وآلهما! - خير جزاء المحسنين!

ولا أنكر - بل أقر - أن الشيخ منصورًا ضبط لي كلمات كثيرة، ووجهني لوجوه ضبطها الصحيحة؛ ولٰكنني آخذ عليه تمسكه بروايات وأخبار تنهىٰ عن التعمق في علم النحو، وأخالفه في الأخذ بظاهرها؛ فإنها إن صحت، حُمِلَتْ على النهي عن الانصراف الكلي إلىٰ مسائل النحو - من قبيل: هٰذا فاعل، وهٰذا مفعول... - دون تناول الفوائد التي تتضمنها النصوص القرآنية والحديثية! هٰذا هو الحق أو ما أراه الحق في معاني تلك الأخبار! ومعنًى آخر: هو ألا يؤخذ النحو وغيره عمن يكيد للدين وأهله، ويأتي من النحو وغيره، بما يوافق السياسة وذويها، وحسبك من هٰذا القبيل آية الوضوء، وقولهم: لا بد من «علىٰ» ثانية؛ فأن تقول: ﷺ، دون أن تعيد «علىٰ».. فتقول: صلى الله وعليه و«علىٰ» آله ضعيف، إن لم يكن مردودًا!!

التضليل/الإضلال والضلال بالنحو وغيره منهي عنه، فلا تعرض - يا سماحة الشيخ! - عن التعمق في النحو، وأوص طلبة العلم بالتعمق فيه؛ فما أشد حاجتنا وأمسها إلى النحو والتعمق فيه في هٰذا العصر الذي يلبس على النشء الملبسون الخراصون من أعداء الدين أمور دينهم؛ فهٰذا منصِّر، وذاك يدعو إلى الإلحاد، وذٰلك طاعن في القرآن، وكل يزعم أنه عالم في النحو واللغة! والنشء لا خبرة لهم ولا دراية، وطلبة العلم منهيون عن التعمق في النحو... وهٰكذا نفشل وتذهب ريحنا، ونخور ونضعف.

ولا يفهمن قارئ أن لا شيء من النحو عند الشيخ - أيده الله تعالىٰ! - إن عنده من النحو ما يقيم به لسانه وقلمه، وفضلًا كبيرًا؛ ولٰكنه ينهىٰ عن التعمق، كما ورد النهي! علىٰ أنني شهدت له مشاهد كثيرة حقق فيها مسائل لغوية ونحوية، وتعمق فيها، دون أن يهمل المراد من النصوص، وهو المطلوب.

عرفت الشيخ - يحفظه الله تعالىٰ! - قبل أكثر من خمسة وثلاثين عامًا خطيبًا حسينيًّا يشجيني صوته في المصائب، ويطربني في المسرات، وما أسعدني إذا استمعت إليه في العاشر من محرم الحرام! ولو كنت من أصحاب المجالس لما عدوت أن أُقرئه في عاشوراء، ويعجبني غيره؛ ولٰكنهم قلة قليلة.

ومنذ عرفته، عرفته بقضاء حاجات المؤمنين...

ومنذ عرفته، عرفته شيعيًّا شديد الولاء والبراء... وهو ممن تؤخذ منه الفتوىٰ والعقائد.

ومنذ عرفته، عرفته متواضعًا حليمًا قد يغضب؛ ولٰكنه لا يجد ولا يحقد ألبتة! خالفته كثيرًا وخالفني، فلم يتغير استقباله ولا إقباله وترحيبه، وهو ممن يحفظ الود والعشرة؛ بل إنه يسعىٰ في قضاء حاج من أساء إليه... وهٰذا نبل.

الشيخ منصور الطاهر - وهو طاهر - من آل سلمان الكرام، من الجش «جنوبي غربي القطيف»... ولحبه الجش الكبير - وله الحق في هٰذا الحب - تلقب ب «الجشي».

بنىٰ مسجدًا - هو وإخوة له مؤمنون - أسهم كل بما استطاع، ولم يطلبوا من أحد عونًا!

وأنت إذا صليت في ذٰلك المسجد، أحسست بالبركة والروح - لا أدري كيف ولماذا؟! - ولٰكن الأمر كذٰلك!

والمصلون هنالك يستقبلونك ويقبلون عليك.. شأنهم شأن الشيخ، وكأنه دعاهم بقوله وعمله وخلقه!

حفظ الله الشيخ والمؤمنين الذين يلوذون به، والجش والوطن كله... إلٰه الحق: آمين.. رب العالمين!

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
زكي بن علوي الشاعر
[ القطيف ]: 15 / 5 / 2023م - 10:32 م
( يوفاق) خطأ، والصواب : يوافق.