آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

إشراقة النور في عالم الخلود: الشهيدة معصومة البلادي

يوافق هذا شهر شوال الذكرى السنوية لرحيل نجمة من نجوم التألق الإيماني والعلمي والإنساني.

في اليوم الثالث عشر من شهر شوال 1441ه، وعند الساعة التاسعة توقف نبض قلب كان دائما ينبض بالخير ومعاني الإنسانية العالية.

ففي ذلك اليوم، رحلت إلى عالم الخلود وردة كثيرا ما فاح أريجها في كل مكان كان لها فيه وجود، إنها الشابة معصومة حبيب البلادي.


معصومة هي أصغر أبناء الأخت الفاضلة المجاهدة رضية الحمود، وفدت إلى عالم الدنيا في 15/1/1429.

منذ أيام طفولتها كانت تبدو عليها علائم النبوغ والصلاح، وقد أولاها والداها عناية خاصة، حيث أدخلاها في مدارس تعليم أهلية خاصة، سعيا منهما لأن تحظى برصيد قوي من المعارف العلمية.

الجانب العبادي في حياة معصومة:

نشأت في أجواء إيمانية، فأتقنت الصلاة فعلا وأداء وهي في سن صغير قبل بلوغها، وكانت مهتمة بأداء الصلاة في أوقاتها.

لديها التزام ديني قوي، فمع أنها كانت تدرس في مدارس مختلطة، إلا أنها لم تتخلى عن حجابها، وكانت شديدة المحافظة عليه.

مع صغر سنها فقد صامت هذه السنة شهر رجب كاملا، بالإضافة إلى جزء من شهر شعبان.

كانت تصلي صلاة الليل وإن لم يكن كل ليلة، وكانت تصلي صلاة الوتر منذ أيام الصغر، وكذلك كانت تصلي صلاة الآيات منذ سن الطفولة.

كثيرة التلاوة للقرآن خاصة في شهر رمضان، وتحفظ بعض السور القرآنية، حتى في فترات الإجازة كانت تهتم بتلاوة القرآن.

ومعصومة تحب السور التي تحتوي قصص الأنبياء، وتحب أن تستفسر عما تقرأه، وكذلك تتابع بعض المسلسلات حول الأنبياء كقصة يوسف.

كانت مكثرة من ذكر الاستغفار والصلاة على محمد وأهل بيته .

تقرأ سورة التوحيد مرارا، كل مرة 100 مرة، وكذلك كانت تكثر من تلاوة آية الكرسي.

تشارك أفراد أسرتها في المناسبات الدينية الخاصة كليالي القدر وغيرها، وفي كل عام تذهب مع أسرتها إلى المسجد للمشاركة الجماعية في أعمال ليالي القدر.

مواظبة على غسل يوم الجمعة.

النبوغ العلمي والدراسي:

كانت بدايات دراستها في مدارس خاصة ذات نظام خاص، ثم انتقلت إلى المدارس الحكومية وهي ذات نظام مختلف، وكانت والدتها ترى أنها قد تواجه صعوبة في التأقلم مع النظام الدراسي الجديد، إلا أن معصومة أتقنت هذا النظام الجديد خلال أقل من شهر.

بالإضافة إلى اللغة العربية، درست اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وأتقنت ما شرح إليها فيهما.

تحب قراءة القصص باللغة الإنجليزية والعربية، وهذه رسالة من إحدى معلماتها في الريادة:

On behalf of Al Reeyada International School staff, members of the management and the classmates of Masooma, our deepest condolences and prayer is with the family, we all are lost with words, she was a very quiet, well mannered girl who was loved by her teachers and classmates. She will be missed and remembered as one of our the best student of the time she studied in Al Reeyada.

God loves her and has a special place for her.

She’s in our prayer.

Ms Zubeeda

School Deputy

وكانت تشرح مادة اللغة الإنجليزية لأخوتها الذين كانوا أكبر منها سنا.

معصومة والجانب الإنساني:

أكتفي هنا بالإشارة إلى ثلاثة مواقف تجسد ما تحمله معصومة من جمال روحي:

المشهد الأول:

عندنا تخبرها إحدى زميلاتها بأن والدتها لم تعطها مصروف اليوم المدرسي، فإن معصومة كانت تعطي تلك الزميلة كامل مصروفها، وتتحمل الجوع، في وقت يمتد طيلة فترة الدراسة والتي كانت تستمر حتى الثالثة عصرا. وقد تكرر منها هذا المشهد مرارا عدة.

المشهد الثاني:

منذ أيام طفولتها، عندما كانت تمشي مع والدتها وترى عمال النظافة، كانت تشعر نحوهم بالرحمة، وتطلب من والدتها أن تعطيها مبلغا من المال كي تعطيهم إياه ليشتروا لهم ماء وحاجيات أخرى.

المشهد الثالث:

كانت تحجز جزءا من مصروفها اليومي صدقات للفقراء.

وأنقل هنا موقفا رابعا ما ذكرته والدتها: تقول لي. أمي ما عليه أخلي أبوي يشتري لي حصالة واجمع فيها وتعطيني كل شهر قلت لها إي.

الأناقة والترتيب في حياة معصومة:

تمتلك معصومة خطا جميلا ومرتبا.

غرفتها كانت منظمة ومرتبة.

هواياتها:

لديها ميل قوي وحب كبير لزرع الورد، وقبل مرضها بأسبوعين أخبرت والدتها أنها ترغب بالحصول على مكان خاص بالمزرعة كي تزرع فيه وردا.

تحب عمل الصلصال، وصبغ الجرات بألوان عدة. وكذلك كانت تحب كثيرا عمل الإكسسوارات بالخرز والمطاط.

كانت تطمح لأن تصبح مهندسة معمارية، ولعل منشأ ذلك هو سعة خيالها في التصميم والابتكار الهندسي ونيلها نحو التصميم وعمل الأشياء الهندسية.

التصوير المتقن والجميل كان عملا محببا لديها، وكانت والدتها توكل إليها مهمة التصوير، حيث كانت تلتقط الصور بجمال، وكثيرا ما كانت والدتها تعطيها جوالها كي تصور من خلاله المشاهد الخاصة والعامة.

معصومة والجانب الاجتماعي:

كانت معصومة تأنس كثيرا بملاطفة الأطفال، وكانت مشاعرها تتدفق نحوهم حبا بغزارة، وكذلك الأطفال يتعلقون بها لما يرونه من مشاعر حب متدفقة نحوهم.

ومما يروى من سيرتها أنها عندما كانت بروضة جواثا، كانت تغادر الروضة إلى الحضانة التي كانت على اتصال بتلك الروضة لتداعب الأطفال هناك، وكانت معلماتها يبحثون عنها فيجدونها في الحضانة.

بعد انتقالها للمدارس الحكومية، كونت لها علاقات اجتماعية مع كثير من الزميلات خلال أشهر، وكانت محل محبة تلك الزميلات، حيث كن يأنسن بمعاشرتها لما رأينه من لطف تعاملها وشفافية روحها وجمال أخلاقها.

وكما وصفتها أختها ميسون: ”تفاعلها مع الآخرين قوي جدا فهي تتعامل مع الناس وكأنها تعرفهم من زمان سواء من الأهل أو خارج الأهل. معصومة تحب التعرف على الناس، وهي ليست من النوع الخجول في مجال التعارف وتكوين العلاقات سواء مع الذين في سنها، أو الذين يكبرونها سنا“

كانت تحب مساعدة الآخرين حتى من يكبرونها سنا، وإذا رأت مشكلة لدى أحد لا ترتاح حتى تجد حلا لتلك المشكلة.

كانت لها علاقة خاصة مع أختها ميسون التي تكبرها بسنوات، وعندما كانت ترى أختها منشغلة ومنهمكة في المذاكرة وتعيش توترا، كانت تكتب في دفاترها ومذكراتها ”أنا أحبك“، كي تعطي أختها دعمًا نفسيا.

معصومة والجانب الأسري:

كانت في البيت كما تصفها والدتها بالفراشة تنتقل من مجالسة أخواتها إلى إخوانها إلى والديها، وكان لمفاكهتها لأفراد أسرتها طعم خاص.

كانت أول من يستقبل والدتها عند دخولها البيت، وإذا رأت والدتها متعبة تعمل لها مساج، وكانت تحب أمها حبا عظيما، فكانت تتلمس بيدها وجه والدتها وتخاطبها: أريد أصير مثل وجهك.

وكانت تساعد إخوانها الصغار حتى أيام الدراسة، وتأنس بمساعدة إخوتها والآخرين في مادة اللغة الإنجليزية، وتعلمهم وتساعدهم في الواجبات.

رحم الله الفقيدة الشهيدة معصومة، التي حملت في سلوكها ومنهجها الحياتي الدلالات المعنوية لاسمها الجميل، وأعلى في الجنان العالية درجاتها.

استشاري طب أطفال وحساسية