قيمة الإنسانية تكمن في خدمة الإنسان
لا يُخفى على الجميع بأن الإنسان مؤطر بما يكتسبه خلال حياته من خلال اختلاطه بالبيئة التي نشأ وترعرع فيها بما تحتويه من نظام تعليم، ثقافة، دين، أخلاق، إلخ. إذ تصبح هذه النشأة التي اكتسبها من البيئة التي تحتويه أشبه بالنظام، لكنه نظام سائل، متغير حسب الظروف التي يمر بِها، واختلاطه مع الآخرين، الآخرين الذين يختلفون معه في نوعية النظام. ومن الواضح جدًا بأن هذا النظام الذي يُشّكل وعي الإنسان، قد يكون منفتحاً على العالم أجمع، أو قد يكون منغلقاً على ذاته، إذ يرى الآخرين أقل مِنه درجةً وقيمةً وأخلاقًا. لكن، هل من الممكن نحن كبشر أن يكون النظام / الإطار الذي يُشّكلنا أن يكون إنسانياً لأجل الإنسان، أي أن تكون رسالته وعطاؤه لأجل الإنسان لا لأجل فئة معينة ترى الامتياز لها؟
أميل لأن تكون هوية الفرد هوية إنسانية، بِما تحتوي من مفاهيم واعتقادات، أن يتم ترسيخ هوية الفرد لأجل أن تخدم الإنسان بوصفه إنسانً شريكا يعيش معنا في هذا الكون الواسع، الذي بالأصل هو للجميع، لا لفئة معينة. أليس من المنطق أن نخدم أنفسنا نحن كبشر، وأن نرسّخ مبدأ الإنسانية، لخدمة البشرية أيًا كانوا؟ إعمار الأرض وتنميتها يبدأ من الإنسان لأجل الإنسان الآخر. قد يكون هذا الأمر أشبه بالخيال، غير واقعي، بِلا معنى، لكن علينا إثارة هذه الفكرة، أن نتساءل حول ماهيتها، لأنها فكرة لأجل الإنسان. أتصور بأن الأغلب يرى بأن هذه الفكرة مستحيلة نوعًا ما، لكن ربما تكون خطوة لتعزيز الرابط الإنساني.
اليوم وبظهور التكنولوجيا بما تحتوي، والحديث اليوم يدور حول الذكاء الاصطناعي ومآلاته ومدى تأثيره على الكائن البشري، والتطورات السريعة التي تجتاح الفرد، أصبحنا أقرب لبعضنا البعض، نختلف في عدة جوانب، لكن نشترك في جوانب أُخرى، علينا أن نوسّع المشتركات بيننا كبشر، أن نخدم بعضنا البعض، أن تكون الحياة أجمع بِما فيها لخدمة الإنسان. رفع مستوى العلم، نزع جذور التطرف، تعزيز الثقافة الإنسانية، التخلص العنصرية، ربما من الصعب إزالة هذه جميعها، وربما يكون الطريق طويلاً وشاقا لتحقيق ما يخدم البشرية ويعزز ترابطهم، لكن، أليس من الأفضل أن نسعى ونحاول لأجل أن نخدم البشرية؟