آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

عن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي المفتوح «4»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

منذ أسابيع سألت «ChatGPT» من هم أعظم الاقتصاديين عبر التاريخ، فأتت الإجابة سريعة، ولم أجد بينهم اسم ابن خلدون، فسألته ثانية: هل ابن خلدون من بين أعظم الاقتصاديين عبر العصور؟ فأجاب بالإيجاب. النقطة: النظام الذكي متحيز لما يُحشى فيه.

وبعيداً عن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في سباق التسلح بين الدول التي تحدثنا عنها بالأمس، رغم فداحة ما قد يحدثه ذلك من قتل للبشر وتدمير للمجتمعات، إلا أن مخاطر أقل“دموية”ما برحت دون معالجة وتتطلب حلولاً. ولعل أكبرها هو خطر الخداع، نعم الخداع، بمعنى ان يعتقد المستخدم أن نظام الذكاء الاصطناعي نظام“موثوق”في حين أنه - في حقيقة الأمر - نظام غير موثوق. وبالتأكيد فالكذب والخداع يتطلب إبداعاً قد لا يمتلكه إلا البشر، لكن بالإمكان“حشو”النظام ببيانات ومعلومات مغلوطة ليصل إلى النتائج المبتغاة، وهذا يتعلق بالاستخدام اللاأخلاقي للبيانات، ويتعلق كذلك بكيفية التعامل مع التوجهات؛ فمثلاً قد يكون مصمم النظام متطرف دينياً أو عرقياً أو طبقياً أو حتى اقتصادياً، فيجعل النظام الذكي يتبنى تحيزاته! وهكذا نرى أن الأمر لا يمكن أن يترك“سبهللة”، فقد نستورد أنظمة“ذكية”صُممت وبُنيّت وفق تحيزات معارضة لمصالحنا لنقطة المرتكز تتمحور حول الثقة والاطمئنان، فكيف يتأكد المستخدم من ذلك، سواء أكان المستخدم بنكاً أو بقالة أو مصنعاً أو في مركز اتخاذ قرار حكومي أو في القطاع الخاص؟

إطار الإجابة وضعه معهد المهندسين الكهربائيين والالكترونيين «IEEE»، استناداً إلى إطار فكري للتصميم الأخلاقي، يقوم على ثلاثة مرتكزات: القيم الإنسانية، تقرير المصير ومسؤولية البيانات، الموثوقية التقنية. ووضع المعهد معايير لتصميم الأنظمة الذكية، وفي الاستخدام الأخلاقي للبيانات. لكن علينا أن نملك القدرة أن“نفحص”ما يأتينا من“نظم ذكية”بما يجعلنا نطمئن أنها صممت وبنيت وفق معايير أخلاقية معتبرة.

وهكذا، يتضح أن حقبة الذكاء الاصطناعي المفتوح تحمل منافع كبيرة ومعها تكاليف «أو مخاطر» طائلة، وعلينا على المستويات الرسمية والاقتصادية والاجتماعية حوكمة الاستفادة، فالأمر له أبعاد حضارية وثقافية واقتصادية واجتماعية، ولا يتعلق فقط بضبط عمل جهاز ذكي لأتمتة عمليات يقوم بها البشر، بل كذلك بضبط عمل منظومة الأنظمة الذكية. فماذا نحن فاعلون؟.

«يتبع»

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى